موقع مصر الإخباري
فن

وفاة الكاتب الصحفي الكبير صلاح منتصر

تلقت الأوساط الصحفية، اليوم الأحد، نبأ وفاة الكاتب الصحفي الكبير صلاح منتصر بحزن شديد.

ولقي الكاتب الكبير ربه إثر وعكة صحية شديدة ألمت به قبل أيام انتقل على إثرها للرعاية المركزة ومن جانبها فإن «المصري اليوم» تنعي الفقيد والذي خسر المشهد الصحفي برحيله قامة كبيرة تميزت بثراء عطائها ومسيرتها، كما شارك بقلمه في الكثير من احتفاليات «المصري اليوم» بعيد ميلادها وكان من كتابها ومن أشد المعحبين بها وبدورها وتأثيرها في المشهد الصحفي ليس المصري فقط وإنما المشهد الصحفي العربي، ويبقى الكاتب الكبير صلاح منتصر من الأسماء البارزة في الصحافة المصرية، كما تميزت كتاباته الصحفية وكتبه بأنها موجهة لعموم القراء عامة ونخبة وهو ابن مدرستين صحفيتين كبيرتين وهما مدستي مصطفي وعلي أمين ومحمد حسنين هيكل.

وكانت الكاتبة الصحفية، أميرة منتصر، قد أعلنت أنَّ عمها الكاتب الصحفي صلاح منتصر، تعرَّض لوعكة صحية شديدة، انتقل على إثرها للرعاية المركزة. ونتمني من الله أن يتعافي ويتجاوز هذه الإزمة الطارئة.

ويظل الكاتب الكبير صلاح منتصر من الأسماء البارزة في الصحافة المصرية. وقد تخرج في كلية الحقوق عام 1956 ،ويظل عموده اليومي «مجرد رأي» من أبرز الأعمدة الصحفية من حيث بساطته وتقاطعه مع هموم عامة تمس عموم القراء ولم يكن يمتعض إذا تعارضت وجهة نظره مع آخرين فنوان المقال هو «مجرد رأي» ومن أهم الشؤون التي عرض لها في مقاله هذا البترول والتدخين وبخاصة في شهرفبراير تزامنًا مع اليوم العالمي لمكافحة التدخين وهو مولود في السادس من أغسطس 1935، وحصل على الثانوية من مدرسة التوفيقية بشبرا، والتحق بكلية الحقوق جامعة عين شمس، وتخرج فيها عام 1956.

وبدأ مسيرته الصحفية مبكرا، وهو طالب بالسنة الثانية بكلية الحقوق، حيث عمل بمجلة «الجيل الجديد» وانتقل منها إلى مجلة «آخر ساعة» التي كانت آنذاك ملكًا لمصطفى وعلى أمين، ثم انتقل إلى أخبار اليوم، وكانت كل هذه الإصدارات خاصة، وظل يعمل بها حتى مارس 1958، حيث انتقل مع الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، إلى الأهرام، في مارس 1958، وظل يعمل معه حتى 1974، وعلى هذا فإنه لم يقدر لأحد من الصحفيين المصريين أن يعمل مع الأستاذ هيكل طيلة 21 عاما قضاها معه الأستاذ منتصر. ومثل له هيكل نموذجا وأيقونة صحفية وعلم نفسه بنفسه، وكان مثالا للاحترام والالتزام في العمل، ولم أجد شخصا في حياتي ملتزما في حياته مثل الاستاذ.. ووصفه بقوله أن هيكل المفكر ألقى أحجارا كثيرة في أنهار الفكر والسياسة تعلمنا منها كل شيء، المهنية والاخلاص وحب العمل، مؤكدا أنه يشعر بالفخر لكونه أحد تلاميذ الأستاذ.

جاء منتصر رئيسًا لمجلس إدارة «دار المعارف» ورئيساً لتحرير مجلة «أكتوبر» في الفترة من 4 فبراير 1985 حتى 2 يناير 1994، ثم عاد بعدها إلى الأهرام وكان بعد انتهاء فترة عمله في دار المعارف قد اختير عضوا في مجلس إدارة دار الكتب إلى الآن، وعضوا في جهاز حماية المستهلك، وجهاز حماية مستخدمى الاتصالات، ووكيلا للمجلس الأعلى للصحافة لتسع سنوات.عُين منتصر عضوا بمجلس الشورى منذ 1989 لثلاث دورات، أي لمدة 18 عاما، وحين اندلعت ثورة 25 يناير كان لا يزال في الدورة الرابعة، وكان بذلك الصحفى الوحيد الذي استمر عضوا في مجلس الشورى لأربع دورات.

وهناك مفارقتان قدريتان في حياة الكاتب الكبير صلاح منتصر، وقد تحدث عنهما في معرض حديثه عن سنوات الميلاد والنشأة، أما المفارقة الأولى فنقف عليها من خلال روايته الأولى عن حياته حيث قال:«ولدت في القاهرة من أبوين يعيشان في العاصمة، وفى زمن كانت الأمراض تحصد فيه الملايين لعدم توفر وسائل العلاج سواء من أدوية أو عمليات جراحية، فقد ماتت أمى- رحمها الله- في سن صغيرة، وأنا بالكاد أقف على قدمى، وقد عرفت ذلك من الصورة الوحيدة التي سُجلت لى معها وأنا واقف إلى جانبها، وقد استدعى الأمر ذهابنا إلى استديو، ولم أعرف لماذا حرص أبى على تسجيل هذه الصورة التي فيما بعد أصبحت أشكره كثيرا عليها، فلولا هذه الصورة ما عرفت شكل أمى التي ماتت رحمها الله، قبل أن أكمل الثالثة من عمرى، وقبل أن أشعر بفقدى لها حملنى أبى إلى دمياط لتتولى شقيقته (عمتى) الأرملة، أم الخمسة أبناء (عطية وعبدالفتاح وعبدالرحمن ومسعد وعائشة)، تربيتى مع باقى أبنائها في جو عائلى دمياطى أصيل، وسط أسرة متوسطة تعمل في صناعة الحلوى، وقد بدأت في معمل متواضع للحلويات ورثوه عن الأب، حتى جاءت سنوات الحرب العالمية الثانية، كانت الأسرة الدمياطية في ذلك الوقت دولة تحقق اكتفاء ذاتيا يعتمد على نفسه في توفير مختلف الاحتياجات.

ومن المؤكد أن هذا الالتزام الذي عشته في هدوء داخل البيت الدمياطى هو الذي غرس في داخلى الالتزام بالعمل وعدم الشكوى من أي جهد على أساس أن هذا واجب كل فرد، والغريب أن أحداً في البيت لم يطلب منى الصلاة أو الصوم عند مجىء شهر رمضان، فقد وجدت الجميع يصلون فصليت، ووجدتهم جميعا يصومون فصمت، وعندما خرجت إلى الشارع في رمضان وجدت الجميع صائمين فعرفت أن ذلك من شروط الشهر». ثم يعرج منتصر ليحكى لنا عن المفارقة الأولى في حياته والتى كان من المتوقع أن يعمل فيها حلوانيا، فيقول إنه نشأ في دمياط حتى سن الرابعة عشرة، وكادت أقداره تقوده ليعمل حلوانيا فقال: «فى دمياط تربيت في أسرة (عطية وعبدالفتاح وعبدالرحمن ومسعد تعيلب)، التي اشتهرت بصناعة الحلوى، ونتيجة لذلك جذبنى معمل الحلويات، خاصة عام ١٩٤٥ فور انتهاء الحرب العالمية الثانية، وانفجار بركان مظاهرات الطلبة في أنحاء مصر مطالبة بتحرير الوطن من الاحتلال الإنجليزى للبلاد، بعد أن أسكتت سنوات الحرب هذه الصرخات في كل مصر، ولم تكن مدرسة دمياط الثانوية أقل وطنية من باقى المدارس في مصر، فكنا نخرج في مظاهرات تطوف شوارع دمياط،ورغم أنها كانت تعطل العمل في الأسواق إلا أن الجميع كانوا يشعرون بالفخر وهم يشاهدون مظاهراتنا تهتف بالجلاء التام أو الموت الزؤام، وفى مواجهة اشتداد هذه المظاهرات كانت الأوامر تصدر بتعطيل الدراسة من أسبوع إلى ثلاثة أسابيع على أمل امتصاص غضب الطلبة، وكنت أنزل إلى مصنع حلويات الأسرة، وأشارك العمال عملهم في تصنيع المشبك والملبن وصوانى البسبوسة واللديدة والبسيمة..

وفى موضع آخر يقول منتصر: «من دمياط التي بدأت فيها تعليمى وأنهيت السنة الثانية في مدرسة دمياط الثانوية، وكان حلمى العمل في صناعة الحلوى التي يعمل بها أفراد أسرة (تعيلب) الكريمة الذين تربيت بينهم، انتقلت إلى القاهرة في مدرسة التوفيقية الثانوية، حيث كان والدى وأخى الأكبر يسكنان في حى شبرا، وقد وجدت البيت الذي أصبحت أعيش فيه مليئاً بالكتب والصحف والمجلات فجذبتنى القراءة والكتابة، وبصورة لم أتوقعها تبخرت أحلام صناعة المشبك والبسبوسة، وجذبتنى أحلام جديدة من نجوم السينما الأجنبية الذين أصبحت أشاهد أفلامهم، وكان أول من جذبنى بوسامته وابتسامته الممثل الأمريكى (جلين فورد) (مات سنة ١٩٠٦ عن ٩٠ سنة)، لكن أهم حلم عشت فيه عشق الكتاب الذين قرأت لهم وسيطروا على تفكيرى، وكان من حظى أن تعرفت في مدرسة التوفيقية على أول صديق لى في القاهرة وهو الراحل العزيز أحمد بهجت، وكان مثلى من عشاق القراءة. هو متيم بروايات يوسف السباعى: أرض النفاق وإنى راحلة واثنتا عشرة امرأة، وأنا معجب بقصص إبراهيم الوردانى. وقد تزاملت مع أحمد بهجت، بعد ذلك في كلية الحقوق، ثم في العمل الصحفى، وإن كان قد بدأ في دار روزا اليوسف، بينما بدأت أنا في دار أخبار اليوم، ثم بعد ذلك معا في الأهرام».

أما المفارقة القدرية الثانية فتتمثل في يوم وسنة ميلاد ه، حيث ولد في السادس من أغسطس 1935، وهو نفس اليوم الذي ألقيت فيه القنبلة الذرية على هيروشيما، وتتأكد هذه المفارقة مع عيد ميلاده، إذ شهد هذا اليوم افتتاح قناة السويس الجديدة، حتى إنه كتب عن هذه المفارقة يقول: «لقد ارتبط يوم 6 أغسطس بواحدة من أكبر الكوارث التي شهدها العالم عندما دفن 140 ألف يابانى تحت أنقاض مدينة هيروشيما في مثل هذا اليوم عام 1945»، ثم قال منتصر «إن ذكرى 6 أغسطس هذا العام قد تغيرت وأصبح له معنى آخر غير الدمار والموت والخراب الذي كان يحمله، أصبح اليوم يمثل عنوان قناة جديدة تحمل الخير والنماء لمصر وخدمة الملاحة لكل العالم، وغير ذلك أصبح هذا اليوم يمثل رمز إرادة التحدى التي تمثل مصر الجديدة، تحدى الإرهاب الذي لم تتوقف عملياته الخسيسة لوقف حركتنا، وتحدى الزمن الذي جعلنا ننفذ في سنة واحدة مشروعا يتطلب ثلاث سنوات، وتحدى صورة أخذها العالم عن المصريين المتكاسلين الذين يؤجلون عمل اليوم إلى الغد، ويعملون بقانون فوت علينا بكرة، أصبحت أحب يوم مولدى بعد أن كنت أهرب منه. صحيح أنه حب متأخر، ولكن الحمد لله أننى عشت حتى رأيته».

المزيد من الأخبار

اترك تعليقا

* باستخدام هذا النموذج ، فإنك توافق على تخزين ومعالجة بياناتك بواسطة هذا الموقع.

موقع مصر
بوابة موقع مصر - أخبار مصر

يستخدم موقع مصر ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد