موقع مصر الإخباري
منوعات

شهادات حية على أحداث عظيمة.. قلب مفتوح.. سيرة ذاتية لأبنة سيناء “آمال غريب”

ما أصعب أن يكون الموت والحياة وجهين لعملة واحدة، ما أصعب أن يكون العقل في كاملة قدرته وطاقته وعزمه على العطاء، بينما الجسد يُصاب بأزمة قاسية، أو بأزمة قلبية، تلك التي يُطلق عليها في القاموس الطبي، “attack Heart”.
كان هذا العنوان الأول من كتاب “قلب مفتوح”، الذي يتناول السيرة الذاتية لأبنة سيناء آمال غريب حسن الجندي، ذلك الكتاب الصادر مؤخرًا عن مؤسسة حورس الدولية للكاتب حمدي شتا، والذي يُسجّل التجربة الإنسانية التي مرت بها أبنة سيناء، بين الأمل والألم، واليأس والرجاء، والخوف من المجهول، والأمل في المستقبل، والسعي الدائم نحو البحث عن الذات، تلك الذات التي قد يفقدها الإنسان بين عثرات الحياة وتقلباتها وآلامها، بينما تبقى الذكريات محفورة في العقل والوجدان، يراها صاحب التجربة حيثما اتجه، وفي كل مكان جديد يألفه قلبه، ويشعر خلاله بالحنين لأيامه القديمة، وهذا حال هذه المُذكرات الموثّقة لأحداث وتفاصيل وأيام ومواقف وذكريات وصراعات وحروب، أيام وليالٍ، هزائم وانتصارات، لجوء وهجرة، رحيل وعودة للجزور.
يقول “شتا” على غلاف الكتاب الخلفي، “التقيت السيدة آمال غريب حسن الجندي، وذلك في طو الشروع في كتابة بيوجرافيا (سيرة غيرية) أو سيرة ذاتية خاصة بها. في عدة جلسات تم تدوين ملحوظات من خلال حكيها المباشر وبعض التسجيلات الصوتية. وحيث أنها قد عايشت حياة مدينتها الساحرة العريش، وسيناء الفيروز، وحياة المصريين، ابتداء من عصر الملك (فاروق) وحتى الآن، وقد عايشت أفراح الوطن وانتصاراته، وأيضًا حروبه وويلاته، فقد ارتأيت أن يتم كتابة البيوجرافيا الخاصة بها في رواية تحتوي سيرتها الذاتية ضمن الدراما والتراث والتاريخ لتلك البقعة الغالية من أرض الوطن. إضافة إلى التطواف ببقاع وبحار العالم الآسرة”.
ما سبق من حديث د حمدي شتا على الغلاف الخلفي للكتاب، يؤكد أننا أمام كتاب سيرة ذاتية، بطلته وسارد أحداثه، هي آمال غريب حسن الجندي، أبنة سيناء ذاتها، وأن من يقوم بفعل السرد هنا ليس راويًا، أو شخصية روائية من نسج خيال الكاتب، وإنما السارد هنا هو صاحبة السيرة الذاتية التي عايشت الأحداث وسردتها، ومن ثم قام د حمدي شتا بقديمها في كتاب يضم هذه السيرة الذاتية، وهو الأمر الذي يتعارض مع كلمة “رواية” التي تصدرت الغلاف الأمامي للكتاب، فخيال المؤلف هنا لا محل له من الإعراب في كتاب سيرة ذاتية يوثق لأحداث ووقائع حدثت بالفعل وموثقة باليوم والتاريخ.
ينطلق الكتاب من العام 2001، حيث الأزمة القلبية التي مرت بها “آمال غريب” التي يتناول الكتاب سيرتها الذاتية، والتي تعرضت في هذا التاريخ لأزمة قلبية حادة، تطلّبت تدخلًا جراحيًا لعمل دعامة للشريان الأول، بينما الشريان الثاني كان قد أغلق تمامًا، ولم يُجدِ معه أي تدخل طبي، حيث أصبح نسبة 30% من القلب لا تعمل، على إثر هذه الحالة، مكثت بطلة سيرتنا الذاتية في العناية المركزة لتسعة أيام قبل أن تبدأ صحتها بالتحسن، لتعودة رويدًا رويدًا للحياة، ويعود قلبها ليعمل بكامل طاقته، وهو الأمر الذي دفع الأطباء لنشر ورقة بحثية عن حالتها الطبية النادرة.
يطوف بنا كتاب السيرة الذاتية لأبنة سيناء آمال غريب حسن الجندي – والذي تجاوزت صفحاتها الثلاثمائة وسبعون صفحة – ببلدان وأحداث كثيرة ومتداخلة بين مصر بشكل عام ومدينة العريش مسقط رأس “آمال” بشكل خاص، وبين أستراليا ومنجرا، حيث منزل وإقامة أبنة سيناء على شاطيء النهر، حيث تمارس هوايتها في صيد الكابوريا، بينما ذكريات مدينتها الآثيرة رفيقها أينما كانت، وحيثما حلّت، وإن كانت في أقصى بقاع الأرض.
تتذكر أبنة سيناء رفع العلم المصري على “رفح”، مهدها وميلادها، وتتذكر صوت أبيها وملامح وجهه الأحمر وعيناه الزرقاوين، والذي تقول عنه: “كان مثقفًا واعيًا، كان ناصريًا حتى النخاع، حيث عاش المشروع القومي مع الرئيس جمال عبدالناصر الذي أثر في كل كيانه، وكان من ذوي الرأي والحكمة في حل مشكلات العائلة، أبي (غريب حسن الجندي)، كان عمله في حرس الحدود”، كما تتذكر إخوتها وترتيبها السادس بين من عاش منهم، ولا تنسى ذكريات صيد الأسماك في عمر البراءة، وكيف كانت والدتها تضحك لا يصطادونه من أسماك وتعيده مرة أخرى للبحر.
يبدو أن ذكريات الطفولة عالقة بذهن صاحبة السيرة الذاتية، بل محفورة بدخلها، فتقول: “كنت أقضي طفولتي بمدينة الطور بين المياه والصيد والدير، وكان معظم قرنائي وأصدقائي مسيحيين، وكان قساوسة الدير يفتحون الدير لنا، ويغمرون الجميع بالمحبة والمودة والألفة، وكان لذلك أثر كبير عليّ… كنّا نعيش مع بعض، ندخل بيوت بعض، نأكل مع بعض، نفرح أفراح بعض، نواسي بعضًا في أفراحنا، ولم يكن هناك فرق في الطوائف، كنّا إخوة في الإنسانية، مسلمًا أو مسيحيًا، كلّنا أبناء آدم، وكلُ يعبد الله بطريقته، يربطنا وطن واحد في تعايش ومحبة وسلام”.
في الفقرة السابقة، تترحم إبنة سيناء على أيام جميلة واعية، وتستنكر بشكل مُضمر على ما آلت إليه مآلاتنا، وما وصلت إليه أوضاعنا، رفضًا منها تنصيب أي إنسان نفسه حَكمًا على ثقافة أو معتقد أو فكر أو دين الآخر، فالجميع سواء، ولكل منهم الحق والحرية فيما يعتقد ويؤمن. وفي ذات سياق الطفولة وأيام البراءة، لم تنسى صاحبة السيرة الذاتية، أول يوم لها في المدرسة حيث جائتها أبتسامة مُدرّستها العريضة، والتي كانت سببا كافيًا لأن تُفلت يد والدها مطمئنة لتنخرط بين زملائها وأقرانها بالمدرسة.
تسرد آمال غريب حسن الجندي، وقائع مذبحة “دير ياسين” تلك المذبحة الشهيرة الي قامت بها العصابات الإسرائيلية عام 1948م، وكيف كان والدها منفعلًا غاضبًا في هذا الوقت حينما تلقّى الأخبار من المذياع الذي كان وسيلتهم الوحيدة لتلقي الأخبار من داخل مصر وخارجها، كما تستعرض تفاصيل ما تعرّضت له فلسطين أعقاب مجزرة دير ياسين، وما تلاها من مجازر في حق الشعب الفلسطيني، ودخول الجيوش العربية لمساندة الشقيقة فلسطين من جهة، وتدخل العالم لدعم المعتدي الإسرائيلي من جهة أخرى، إلى أن وقعت النكبة،

المزيد من الأخبار

اترك تعليقا

* باستخدام هذا النموذج ، فإنك توافق على تخزين ومعالجة بياناتك بواسطة هذا الموقع.

موقع مصر
بوابة موقع مصر - أخبار مصر

يستخدم موقع مصر ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد