رد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء على تساؤل حول ” خطة الحكومة لدفع قطاع السياحة، لعودة معدلات السائحين للتزايد”، أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن صناعة السياحة تعدُ من الركائز الأساسية للاقتصاد القومي، بما لها من تأثير مباشر في تعزيز معدلات النمو الاقتصادي وزيادة مستويات الدخل وحصيلة موارد الدولة من العملة الصعبة، فضلاً عن أن قطاع السياحة يتشابك مع ما يزيد على 70 قطاعاً من القطاعات الإنتاجية والخدمية التي تقوم على النشاط السياحي الذي يعد من أهم القطاعات المصدرة للخدمات. كما أن السياحة بطبيعتها هي صناعة كثيفة العمالة وتتشابك مع عديد من الصناعات المكملة ومن ثم فهي تسهم في توفير فرص عمل متنوعة لحوالي مليون أسرة مصرية.
وأشار مدبولي خلال ردوده على الأسئلة والاستفسارات، التي أعدها المحور الاقتصادي للحوار ولجانه إلى أن جهود الدولة المصرية نجحت في عودة عدد من رحلات الطيران ببعض الدول إلى المقاصد السياحية المصرية، كما شهد القطاع ـ على مدار السنوات الثماني الماضية ـ طفرة غير مسبوقة على كل الأصعدة، بما يشمل فتح العديد من الأسواق الجديدة للسياحة المصرية، وابتكار العديد من الخطط الترويجية التي ساهمت بشكل كبير في استهداف فئات متنوعة من السائحين خاصة الشباب، حيث كانت مصر تعتمد على أسواق بعينها، وهو الأمر الذي اختلف لتشمل العديد من الأسواق، فضلاً عن تحسين جودة المنتج السياحي المصري ليكون قادرا على المنافسة مع الأسواق السياحية الأخرى على مستوى العالم.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن قطاع السياحة تأثر عالمياً بشكل كبير جراء الأزمات المُتعاقبة التي شهدها الاقتصاد العالمي سواءً فيما يتعلق بأزمة جائحة كوفيد ـ 19 التي كبدت القطاع عالمياً خسائر كبيرة أو فيما يخص التداعيات الناتجة عن الحرب الروسية-الأوكرانية، حيث شهد عام 2020 هبوطًا في عدد السائحين الدوليين بنسبة 73% أي بانخفاض مليار سائح دولي مقارنًة بعام 2019، وذلك وفقًا لـ “منظمة السياحة العالمية”، مضيفاً أن القطاع استمر يتأثر سلباً بالتداعيات الناتجة عن الأزمة الروسية-الأوكرانية وخاصة فيما يتعلق بالأسواق السياحية التي تمثل فيها نسبة السائحين الروس والأوكرانيين نسبة مهمة ومن بينها مصر، وهو ما أثر على تعافي السياحة الدولية، وأدى إلى ارتفاع أسعار الخدمات السياحية، وانخفاض الطلب السياحي في العديد من البلدان، في ظل مساهمة الحرب في التأثير سلبياً على الوضع الاقتصادي العالمي عموماً وعلى معدلات التضخم خصوصا.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الحكومة تركزُ حالياً على تبني العديد من السياسات والتدابير الهادفة إلى زيادة إيرادات السياحة لتصل إلى 30 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة، وذلك من خلال العمل على عدة محاور من أبرزها زيادة الاستثمارات الخاصة في القطاع، وحل المعوقات والتحديات التي تواجه القطاع الخاص، والذي يمتلك نسبة كبيرة من الاستثمارات بالقطاع السياحي، كما تستهدف مضاعفة عدد رحلات الطيران والمقاعد القادمة إلى مصر بنحو 3 مرات حتى 2028، وزيادة الطيران منخفض التكاليف من 14% إلى ما يتراوح من 30% إلى 35%، كما تسعى مصر لتعزيز سياحة اليخوت حيث تم إصدار أول لائحة تنظيمية لسياحة اليخوت الأجنبية في الموانئ المصرية، عبر إنشاء نافذة رقمية موحدة تحت إشراف قطاع النقل البحري، وقد تم تفعيل العمل بها من شهر سبتمبر الحالي، موضحا أنه تم صياغة استراتيجية لتعظيم سياحة اليخوت، تتضمن إعداد سياسة سعرية موحدة من شأنها تقديم حوافز وتخفيضات جاذبة للسفن واليخوت السياحية، وإعداد خطة تسويقية للترويج لسياحة اليخوت والموانئ السياحية المصرية، ورفع كفاءة الموانئ السياحية الحالية وإنشاء موانئ سياحية جديدة، وكذا إنشاء منصة إلكترونية (النافذة الواحدة) بغرض تبسيط الإجراءات.
وأكد رئيس الوزراء أن وزارة السياحة والآثار تسعى ـ من خلال خطة عمل قصيرة المدى ـ إلى زيادة التدفق السياحي، خلال الموسم الشتوي (أكتوبر 2022- مارس 2023)، لاستقطاب أكبر قدر من السائحين من أوروبا، خاصةً في ظل الظروف الاستثنائية التي ستشهدها خلال موسم الشتاء القادم، كما تتبنى وزارة السياحة عددًا من الإجراءات للترويج للمقاصد السياحية المصرية، وجذب المزيد من السياحة الوافدة، والتي من بينها اتخاذ الإجراءات اللازمة للتعاقد مع شركة دولية كبرى لإطلاق الحملة الدولية الجديدة للتسويق للمقصد السياحي المصري في عدد (6) أسواق رئيسة، وعدد (4) أسواق ثانوية، واتخاذ الإجراءات اللازمة للتعاقد مع شركة علاقات عامة دولية لمدة عام قابل للتجديد في عدد (6) أسواق رئيسة، وعدد (5) أسواق ثانوية؛ وذلك لتعزيز الصورة الذهنية عن مصر في الخارج.
ولفت مدبولي إلى أن حزمة تنشيط الأداء الاقتصادي التي تعمل الحكومة على تنفيذها في المرحلة الراهنة ـ وفي إطار محور المزيد من تمكين القطاع الخاص ـ تتضمن أيضاً طرح عدد من الفنادق المملوكة للدولة لشركة “ايجوث” التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام على مستثمري القطاع الخاص خلال الفترة المقبلة، مضيفاً أن وزارة السياحة تعمل كذلك على تكثيف جهود الترويج السياحي للمقاصد السياحية والأثرية المصرية في العديد من دول العالم، بهدف فتح أسواق جديدة للسياحة المصرية، مؤكداً في هذا السياق أن الحكومة تحرص كل الحرص على دعم القطاع السياحي، لافتاً في هذا الصدد إلى أنه تم مؤخراً عقد عدد من الاجتماعات مع المستثمرين في قطاع السياحة للوقوف على التحديات الراهنة، وتبني كافة الآليات الكفيلة بمواجهة هذه التحديات ومواصلة تقديم الدعم لهذا القطاع لتعزيز مستويات تنافسيته الدولية وإعادة تشغيل الفنادق المتعثرة، ورفع كفاءة وتطوير الفنادق القائمة.
ورداً على التساؤل الأخير، والذي دار حول “العدالة الاقتصادية، وما إذا كان التوسع في تقديم الخدمات التعليمية والصحية عن طريق القطاع الخاص يتوافق مع تفعيل مبدأ تكافؤ الفرص”، أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن الحكومة تحرص وفقاً للاستحقاقات الدستورية على النهوض بقطاعي التعليم والصحة، وعلى توجيه الموارد اللازمة لتحقيق طفرة حقيقية في الخدمات المقدمة من قبل هذين القطاعين المهمين لكافة فئات الشعب، ولذا تحرص الدولة على توجيه قدر مهم من الاستثمارات العامة لدعم وتطور المؤسسات التعليمية والصحية ورفع مستوى جودة خدماتهما.
كما أكد مدبولي أن الحكومة المصرية ملتزمةً التزاماً كاملاً بتوفير كافة أشكال الدعم لتقديم خدمات التعليم والصحة للفئات محدودة الدخل، مشيراً إلى أن ذلك قد انعكس على ارتفاع معدل الإنفاق على الصحة ليبلغ حوالي 128.1 مليار جنيه خلال العام المالي 2022/2023، كما تضاعف عدد المستفيدين من خدمات التأمين الصحي ليصل إلى نحو 54 مليون مواطن خلال العام 2020/2021، مضيفاً أيضاً أنه تم مضاعفة حجم الاستثمارات الحكومية الموجهة للتعليم خلال الأعوام الستة الماضية لتسجل حوالي 40 مليار جنيه عام 2020/2021 بنسبة زيادة بلغت 426%، مقارنة بمستوياتها المسجلة في عام 2014/2015 كما انخفضت معدلات الأمية بحوالي 8.5 نقطة مئوية مقارنة بعام 2014 لتصل إلى 17.4 في المائة في عام 2021.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الدولة استثمرت على الأقل 584.3 مليار جنيه في تنمية النشء حتى 20 عامًا عام 2020/2021، شملت حوالي 366.4 مليار جنيه في مجال إتاحة الخدمات التعليمية، وحوالي 113.1 مليار جنيه في مجال تقديم الرعاية الصحية، لافتاً إلى أن مبادرة حياة كريمة تُعد أحد ركائز الدولة المصرية في سبيل تحسين حياة المواطن المصري على كافة الأبعاد سواء التعليمية، الصحية، الاقتصادية، والاجتماعية، باعتبارها أحد الأمثلة البارزة للاستراتيجية الوطنية المصرية لحقوق الإنسان (2021-2026)، التي تم إطلاقها في سبتمبر 2021، لافتاً إلى أنه يمكن بلورة هذا التقدم في تحسين نوعية حياة المواطن المصري، وهو ما عكسه أحدث تقرير لمؤشر التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 2021/2022 ، حيث تقدمت مصر 19 مركزًا، لتحتل المركز 97 من أصل 191 دولة مقارنة بالمركز 116 من أصل 189 دولة في تقرير عام 2020.
ولفت مدبولي في هذا السياق إلى أن معدلات الفقر سجلت انخفاضاً ملحوظًاً بنسب تتراوح بين 10٪ إلى 14٪ في قرى المرحلة التمهيدية لمبادرة حياة كريمة، كما حققت معظم القطاعات والصناعات المستهدفة في إطار المبادرة معدلات تنفيذ عالية بشكل ملحوظ؛ حيث أنه ما يقرب من 18 من أصل 28 مشروعًا، أكملوا أكثر من 50 ٪ من المشاريع المستهدفة، بل إن بعض هذه القطاعات حقق معدلات كبيرة كانت أعلى بكثير من الأهداف المستهدفة ضمن الإطار الزمني المحدد، مثل المدارس والتعليم بنسبة 95.46٪، وتطوير الوحدات الصحية بنسبة 90.13٪.
وفي هذا الإطار، أشار مدبولي إلى أن صندوق مصر السيادي يلعبُ دورًا مهمًّا على صعيد تنفيذ سياسة ملكية الدولة للأصول بما يتماشى مع أهداف الصندوق في جذب الاستثمارات إلى الاقتصاد المصري، وذلك من خلال مشروعات تعظِّم العائد للأجيال المقبلة، وتحقق البعد التنموي وفقًا لأهداف التنمية المستدامة وخطة مصر 2030، مضيفاً أن الصندوق يعمل من خلال شراكاته مع القطاع الخاص، على دعم عدد من القطاعات الاجتماعية بالغة الأهمية، وعلى رأسها قطاعا التعليم والصحة وفق شراكات يقوم بمقتضاها صندوق مصر السيادي بإبرام عقود شراكات مع القطاع الخاص؛ للاستثمار في قطاعي التعليم والصحة في ظل جهود الصندوق لاستغلال الأصول المنقولة، وتوفير الخدمات التعليمية والصحية عالية الجودة.