ذكر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أن مصر تعد دولة محورية في مجال نقل البيانات، إذ يمر عبر الأراضي والمياه المصرية نحو 90% من حركة البيانات بين الشرق والغرب، كما أنها تُعد ثاني أكبر دولة في العالم يمر عبر سواحلها كابلات إنترنت بحرية بعد الولايات المتحدة الأمريكية؛ بنسبة 17% من كابلات الإنترنت في العالم، وبلغت العوائد من مرور كابلات الإنترنت عبر المياه الإقليمية المصرية حوالي 185 مليون دولار عام 2019.
جاء ذلك في العدد الجديد من مجلة “بوصلة السياسات”، والتي يصدرها مركز المعلومات وهي إصدارة غير دورية تهدف إلى متابعة تطورات السياسات العامة المختلفة حول العالم، ونقل الاتجاهات المبتكرة وغير المطبقة حاليًا؛ تمهيدًا لتبنيها في الدولة ، وجاء العدد الجديد بعنوان “مراكز البيانات فائقة النطاق” حيث ألقى الضوء على مدى جاهزية مصر لجذب استثمارات مراكز البيانات فائقة النطاق.
وحول الإطار الخاص بالبنية التحتية التكنولوجية وغير التكنولوجية، أشار العدد إلى أن الحكومة تولي اهتمامًا خاصاً للارتقاء بالبنية التحتية التكنولوجية، وغير التكنولوجية، بما يسهم في تحسـين بيئة الأعمال لقطاع تكنولوجيا المعلومات المصري، وأيضًا يعـزز من جذب استثمارات مراكز البيانات، ففيما يخص البنية التحتية التكنولوجية تم استثمار حوالي 2 مليار دولار أمريكي حتى مايـو 2022، وذلك لرفع كفـاءة الإنترنت داخل مصر حتى أصبحت الدولة الأسرع في مجال الإنترنت الثابت في قارة أفريقيا؛ حيث تمت زيادة محطات الإنزال على ساحلي البحر الأحمر، والمتوسط من نحو ست محطات إنزال إلى عشر محطات إنزال، كما تم استحداث عشرة مسارات جديدة بين ساحلي البحرين، وذلك لضمان استمرارية الشبكة التي تعمل على تدفق البيانات بين الشرق والغرب.
أما فيما يخص البنية التحتية غير التكنولوجية، ذكر العدد أن قطاع الطاقة يعتبر من أكبر القطاعات الاقتصادية التي تولي الحكومة المصرية لها اهتمامًا بهدف تطويرها والنهوض بها؛ حيث وجهت الحكومة استثمارات عامة لقطاع الكهرباء، والبترول بنحو 886 مليار جنيه خلال ثماني سنوات بدءًا من عام 2014/ 2015، وحتى عام 2020/ 2021 بمعـدل نمو يقرب مـن 234%، وذلك في إطار الجهـود الحكومية لتحقيق أمن الطاقة.
وأضاف أنه اسـتمرارًا لذلك تسـتهدف الحكومـة تخصيص اسـتثمارات لقطـاع الكهربـاء والطاقـة بنحـو 29.3 مليـار جنيـه خـلال العـام المالي 2022 /2023، وقد كان لتلك السياسـة أثـرًا ملمـوسًا؛ إذ توفـر فائضًا يوميا في إنتـاج الطاقـة يبلغ نحو 13 ألف ميجاوات عام 2020، وجدير بالذكر بلوغ إجمالي إنتاج الكهرباء للمحطات المصرية حوالي 58.5 ميجـا وات خلال عـام 2020 /2021 مقارنـةً بنحو 27.2 ميجـاوات عـام 2010 /2011.
وفيما يتعلق بالإطار القانوني والتشريعي، أوضح العدد أن الدولة قامت بسن قوانين ولوائح تهدف لتحفيز الاستثمارات بوجه عام وأيضا القطاعات الإنتاجية المختلفة، وفي مجال البيانات، حيث تم اعتماد الإطار التنظيمي لإنشاء مراكز البيانات، وتقديم خدمات الحوسـبة السحابية داخل مصـر في أغسـطس2021، مـن قبـل الجهاز القومي لتنظيـم الاتصالات بهـدف دعم رؤيـة الدولـة المصرية في التحـول الرقمي وجذب مزيد من الاستثمارات.
وبين العدد أنه من المتوقع أن يسهم الانتهاء من اللائحة التنفيذية لقانون حماية البيانات الشـخصية فـي توفيـر إطـار قانوني ملائم؛ لتدشين مراكز البيانات فائقة النطاق، وكذا المشروعات الاستثمارية في مجال مراكز البيانات، حيث تم إصدار قانون حماية البيانات الشخصية رقم 151 لسنة 2020 بشأن حماية البيانات الشخصية المعالجة إلكترونيًا جزئيًا أو كليًا لدى أي حائز أو متحكم أو معالج لها، وذلك بالنسبة للأشخاص الطبيعيين، ولا تزال اللائحة التنفيذية لم تصدر بعد.
ولفت إلى أن الإطار المؤسسي المنوط بجذب الاستثمارات إلى مراكز البيانات الفائقة يهدف إلى الارتقاء بالصناعات الرقمية المصرية والعمل على توفير حوافز لجذب استثمارات القطاع، ويعد المجلس الأعلى للمجتمع الرقمي هو الجهة المنوطة برسم السياسات التي تهدف لجذب الاستثمارات لمراكز البيانات، والذي صدر القرار الجمهوري رقم 511 لسنة 2022 بشأن إعادة تشكيله في أكتوبر 2022، ويقع على عاتق وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تنفيذ تلك السياسات.
كما يختص المجلس بإقرار الاستراتيجية القومية لبناء دولة رقمية متكاملة، بجانب اعتماد السياسات والإجراءات الخاصة بالتغيرات الهيكلية اللازمة لبناء مجتمع رقمي، وإقرار سياسات عامة تعزز تقديم الخدمات الحكومية الرقمية، ومن المتوقع أن تسهم السياسات المتبناة والمعتمدة من قبل المجلس بشكل إيجابي على صناعة البيانات في مصر، كما سيعمل المجلس على إقرار سياسات عامة تهدف إلى الارتقاء بالصناعات الرقمية لجذب الاستثمارات في مجال البيانات، وخلق فرص عمل، بالإضافة إلى حوكمة البيئة الرقمية.
كما تناول العدد إشادة المؤسسات الدولية بجاهزية مصر في مجال البيانات، حيث أشار البنك الدولي (مرصد الاقتصاد المصري- البنك الدولي 2021) إلى ضرورة توسع مصر في تدشين مراكز البيانات لتصبح مركزًا إقليميًا للبيانات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ نظرًا لما تمتلكه الدولة المصرية من مقومات، وذلك عن طريق تمكين الشركات الدولية الرائدة في صناعة البيانات.
كما أشادت “مؤسسة فيتش” في تقريرها عن سوق تكنولوجيا المعلومات المصري للربع الرابع 2022، بالتطور السريع لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري، وذلك على الرغم من التحديات التي واجهت القطاع عامي “2020 و2021″، نظـرًا لتداعيات جائحة فيروس كورونا، بيد أن دخول الشركات متعددة الجنسيات العاملة في مراكز البيانات للسوق المصري سيعزز من تطور صناعة مراكز البيانات المصرية.
وقدم العدد مجموعة من المقترحات لجذب استثمارات مراكز البيانات الفائقة من خلال مجموعة من الإجراءات والسياسات وجاء من أبرزها، “وضع استراتيجية لجذب استثمارات مراكز البيانات الفائقة تتضمن برنامجًا تنفيذيًا للترويج للفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بمجال البيانات”، و”توفير حوافز استثمارية مخصصة للشركات العالمية الرائدة في صناعة مراكز البيانات فائقة النطاق.
كما شملت المقترحات تقديم حوافز للشركات المصرية العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات، لعقد شراكات مع كبرى الشركات العالمية التكنولوجية لتدشين مراكز بيانات فائقة النطاق، وتدشين منطقة اقتصادية أو منطقة تجارة حرة خاصة بمراكز البيانات؛ بهدف توفير المناخ الاستثماري اللازم لجذب مشروعات مراكز البيانات، خاصًة متعددة الجنسيات العاملة لتوسيع أنشطتها في مصر، ويرفق بها وحدات البحث والتطوير؛ بما يتيح نقل المعرفة والتكنولوجيا إلى مصر.