أصدرت محكمة محكة العدل الدولية، قرارا تاريخيا بفرض تدابير إضافية على إسرائيل، وأمرتها بوقف فوري لهجومها العسكري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة،
جاء ذلك في إطار قضية أوسع تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في القطاع، منبها إلى خطورة العمليات الإسرائيلية في رفح، والتي أعاقت الوصول إلى المناطق التي تحتاج للمساعدات الإنسانية.
كما أمرت المحكمة، إسرائيل بفتح معبر رفح البري أمام المساعدات الإنسانية، وقالت إن عليها تقديم تقرير بالإجراءات المتخذة في غضون شهر.
وقال رئيس محكمة العدل الدولية القاضي اللبناني نواف سلام – أثناء تلاوة الحكم خلال جلسة عامة للمحكمة في قصر السلام في لاهاي اليوم /الجمعة/، للنظر في دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بشأن ارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة – إن إسرائيل لم تقدم معلومات كافية لضمان الأمن والسلم أثناء إجلاء المواطنين الفلسطينيين من مدينة رفح جنوب القطاع.
وشدد على أن العمليات العسكرية في رفح؛ تهدد الحياة بالمدينة بأكملها، وهناك حاجة ملحة إلى اتخاذ خطوات إيجابية للحد من مخاطرها.
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي ينسف مربعا كاملا في الشابورة وسط رفح الفلسطينية بأكثر من 10 غارات كل دقيقة، مؤكدا أن الأوضاع المعيشية في قطاع غزة تدهورت للغاية منذ يناير 2024.
وقال سلام “إن المحكمة تأخذ بعين الاعتبار الحالة الراهنة الآن في الأراضي الفلسطينية وتتوافق مع عدد من البنود والفقرات الواردة في القانون واستنادا إلى التدابير الإضافية التي ورد ذكرها في طلب جنوب إفريقيا السابق بوقف الحرب في غزة، حيث طرأ العديد من التطورات والتغييرات الهائلة في قطاع غزة بسبب استمرار الصراع الذي قد تحول إلى كابوس بالنسبة لنا جميعا؛ لذلك أكدت محكمة العدل الدولية أن استمرار الصراع سيؤدي إلى إحداث أمور أكثر كارثية من السابق؛ حيث إن سكان قطاع غزة الآن محرومون من الخدمات الأساسية مثل الماء والغذاء والكهرباء والوقود”.
وأضاف أن “الحالة الإنسانية والسياسية والأمنية الكارثية التي أقرينا بوجودها في قطاع غزة؛ أصبحت أكثر سوءا من السابق ولا يمكن القبول بها، ونعتقد أنه ربما يتحول الوضع إلى الأسوأ بكثير مما هو عليه الآن في حال قررت إسرائيل المضي قدما في عمليتها العسكرية في رفح التي يسكنها مليون ونصف مواطن في مدينة صغيرة وحتى الملاجئ التي اتخذوها في النواصي وخان يونس، لا تفي بالاحتياجات الانسانية، فيما قالت اسرائيل إنها تريد المضي قدما في عمليتها العسكرية في رفح”.
وتابع: إن 800 ألف مواطن نزحوا من رفح – حتى الآن – بسبب تلك التهديدات الإسرائيلية بتوسيع العمليات العسكرية لتشمل قلب المدينة، ونعتقد أن الحالة الأمنية والإنسانية؛ ستصبح في غاية السوء ان قررت اسرائيل المضي قدما في هذه العملية العسكرية.
وأشار إلى أن المحكمة وجدت أنه استنادا الى كل الاتفاقيات الدولية والمعاهدات الثنائية بين الدول المتصارعة لاسيما في قطاع غزة أن هناك أفعالا تنتهك القانون الانساني وحدث ذلك على نحو متكرر، منوها بأن إسرائيل بدأت عملية عسكرية وغزوا بريا في رفح بعد أسابيع من القصف الكثيف ، كما وجد المسئولون الأمميون أن هناك مخاطر جمة ترتبط بهذه العمليات العسكرية البرية في رفح؛ والتي تؤثر – بشكل خطير – على العمليات الإغاثية والإنسانية في قطاع غزة بشكل عام؛ والتي تتصل برفح.
وأوضح أن الأمم المتحدة أشارت إلى أن حوالي نصف عدد المواطنين البالغ عددهم مليون ونصف في رفح بما فيهم الأطفال والنساء تعرضوا لتبعات العمليات العسكرية والتي أثرت على الخدمات والبنى التحتية القليلة المتبقية والتي دمرت بشكل تام.
وأكد رئيس محكمة العدل، أن الأمم المتحدة ومصادرها تشير إلى أن المخاطر والمعاناة مازالت قائمة إذا ما استمرت إسرائيل في تنفيذ العمليات العسكرية في مدينة رفح الفسطينية.
وأوضح القاضي سلام، أن مدير عام منظمة الصحة العالمية، ذكر أن مستشفى النجار، وهي أحد المستشفيات المتبقية في قطاع غزة توقفت تماما عن الخدمة، كما أن برنامج الأغذية العالمي أعلن أنه أصبح عاجزا عن إيصال المساعدات إلى المواطنيين في مدنية رفح الفلسطينية بسبب توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع.
وأشار إلى أن الغزو البري الإسرائيلي لمدينة رفح الفلسطينية؛ قد يؤدى إلى تأثير سلبي، ويعوق تقديم المساعدات والوصول لتك المناطق وتقديم الدعم للمواطنيين الفلسطينين فيها، مشددا على أن المحكمة ليس لديها القناعة التامة بأن الإجراءات التي ذكرتها اسرائيل من أجل تعزيز وتوصيل المساعدات الانسانية غير كافية، وذلك للتخفيف من حدة المعاناة الإنسانية تجاه المواطنين الفلسطينيين.
ولفت رئيس محكمة العدل الدولية إلى البيانات الصادرة من المفوض العام للأمم المتحدة المعني بإغاثة اللاجئين الفلسطينيين والتي أكدت أن المناطق التي يهرب ويلجأ اليها المواطنون، ليس بها أية مصادر مياه أو إمدادات بالمرافق الطبية والصحية، بالاضافة إلى المعاناة في الحصول على الحاجات الأساسية لهم وعدم القدرة على تقديم المساعدات الانسانية بالشكل الذى يتسم بالكرامة.
وأضاف أن محكمة العدل الدولية رأت أن إسرائيل لم تقدم معلومات كافية بشأن الأمن والسلم الخاص بالمواطنين الفلسطينين، وذلك أثناء عملية الإجلاء لهم، أو حتى إتاحة بعض المناطق مثل ـ النواصي ـ فيما يتصل بالامدادات والمياه الكافية أو المرافق الصحية والأدوية والملاجىء ل 800 مواطن فلسطيني أجبروا على الإخلاء من المنطقة.
وقال القاضي سلام، إن إسرائيل لم تقدم معلومات وإجراءات كافية سوف تتخذها من أجل ضمان الوفاء بالالتزامات الخاصة بها أثناء عملياتها العسكرية في مدينة رفح الفلسطينية.
وتابع إن المحكمة ترى، أن الموقف الراهن الذي تتسببت فيه العمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل في مدينة رفح الفلسطينية؛ سوف يؤدى الى الكثير من المخاطر ويعمل على تهديد حياة المواطنين الفلسطينيين في مدينة رفح، مشددا على ضرورة اتخاذ خطوات ايجابية للحد من هذه المخاطر.
وقال رئيس محكمة العدل إن المحكمة رأت وجوب أن يكون هناك وقف للعمليات العسكرية الإسرائيلية وأي إجراءات في مدينة رفح، جنوب قطاع غزة؛ التي تؤثر بشكل سلبي على الفلسطينيين في غزة والتي يمكن أن تؤدي إلى تدمير شامل، كما ترى المحكمة أنه على إسرائيل اتخاذ إجراءات فعالة ومؤثرة من أجل منع الإبادة ومنع تدمير الحياة، وأن يكون هناك ضمان من أجل وصول أمن للقطاع من أجل تقديم المساعدات الإنسانية.
وأضاف القاضي أن المحكمة تؤكد أن القرارات بشأن الإجراءات المؤقتة في المادة 41 من القانون الأساسي لها تأثير ملزم، ولابد أن يكون هناك التزامات وفقا للقانون الدولي لأي طرف تنطبق عليه الإجراءات المؤقتة، مشددة على ضرورة تنفيذ وتفعيل الإجراءات المذكورة في قراراتها، نظرا للموقف الكارثي الآن في غزة ورفح.
وتابع إن المحكمة تؤكد ضرورة إطلاق سراح المحتجزين بشكل غير مشروط لأنها ترى أن هذا الأمر يؤثر على الأمن والسلم، كما تؤكد المحكمة وتعيد التأكيد على أن الإجراءات المؤقتة التي تم إقرارها سابقا يجب أن يتم تنفيذها فورا من أجل حفظ السلام .
وشدد رئيس محكمة العدل الدولية، على ضرورة الوقف الفوري للعمليات العسكرية وأي إجراءات في رفح نظرا لتدهور الأوضاع الحالية الذي يواجه المدنيين في رفح، كما تشدد المحكمة على ضرورة الحفاظ على فتح معبر رفح البري لتقديم المساعدات والحاجات الملحة والأساسية وتقديم المساعدات الإنسانية.
وأوصت المحكمة، باتخاذ الإجراءات الفعالة لضمان عدم إعاقة وصول أي بعثات تحقيق أو جمع معلومات أو أي جهات تحقيقية ونيابية إلى قطاع غزة، والتي تقدمها الأمم المتحدة للتحقيق في مزاعم الإبادة الجماعية.
وشددت على ضرورة أن تقدم إسرائيل تقريرا إلى المحكمة بشأن الإجراءات المتخذة من أجل تحقيق وتنفيذ هذه القرارات خلال شهر واحد منذ إصدار هذا القرار.