ازمة سد النهضة اتخذت منحى مختلف بعد توجه رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبدالفتاح البرهان، الخميس الماضي، إلى تركيا ، في زيارة ليومين وتُعد الأولى من نوعها، تلبية لدعوة من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في أبريل الماضي، حسبما أفادت وكالة الأنباء السودانية الرسمية سونا،ويبدو أن توقيت الزيارة جاء مُفاجئًا، فعلى مدى الأيام الماضية خرجت تقارير اعلامية تُفيد بزيارة مُرتقبة للبرهان إلى السودان، لكنها تضاربت في موعدها،ففي تقرير نشرته قبل أيام، قالت صحيفة “اليوم التالي” السودانية إن البرهان سيغادر إلى تركيا في 18 من أغسطس الجاري، فيما أفادت صحيفة “الشرق الأوسط” بأن الزيارة ستجري في نهاية الشهر الجاري.
كان المجلس السيادي السوداني أعلن في 2 أبريل الماضي أن البرهان تلقى دعوة من إردوغان، في اتصال هاتفي، لزيارة تركيا،لم يُعلن رسميًا الملفات المُتوقع بحثها على طاولة البرهان وإردوغان في تركيا لكن قناة “الشرق” التي تُبث من دبي كشفت أن ازمة سد لنهضة ستكون ضمن الملفات المُنتظر بحثها إلى جانب العلاقات الثنائية والتعاون المشترك بين البلدين.
دور مشبوه لتركيا في ازمة سد النهضة
وفي هذا السياق قال أيمن سلامة استاذ القانون الدولي، أن الموقف التركي من سد النهضة يبدو مُبهمًا بعض الشيء، ففي وقت سابق الشهر الجاري، فإردوغان في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد،و أن تركيا ستواصل “توفير كافة أنواع الدعم” لإثيوبيا، ولعب اردوغان في مخطط غزوه الناعم لإثيوبيا حيث العلاقات التاريخية بين الدولة العثمانية وبلاد الحبشة، ومن خلال السيطرة على دوائر صنع القرار في أديس أبابا.واضاف في سياق متصل وضع أردوغان خطة ذات محاور متعددة لنيل أطماعه، فهو يرى أن السيطرة على إثيوبيا تضمن لها دورًا محوريًّا في المنطقة؛ حيث تتحكم في منابع النيل الأزرق الذي يشكل بين 80% و85% من إجمالي مياه نهر النيل، ما يجعل جميع دول حوض النيل البالغة 11 دولة مرهونة بموقف أديس أبابا من بناء السدود المائية وهو ما ظهر واضحاً في ازمةسد النهضة .
وكشف أن الدور التركي القطري المشبوه السبب الرئيسي في تعثرمفاوضات سد النهضة في الولايات المتحدة الأمريكية ورفضها للتوقيع، إذ أن وفدًا أمنيًّا قطريا-تركيا سافر إلى أديس أبابا وحمل رسالة مفادها أن الموافقة على المفاوضات المصرية الإثيوبية في الولايات المتحدة سيكون لها خسائر كبيرة لن يستطيع النظام الإثيوبي تحملها، حيث أخبرهم الوفد أن سحب الودائع القطرية والتركية التي تبلغ 6 مليارات دولار سيعطل بناء السد من الأساس، ويؤخر خطة التنمية الإثيوبية في ظل أزمات عالمية متلاحقة.
تركيا تجتاح الاقتصاد الاثيوبي
وعلى صعيد اخر قال الدكتور خالد فهمي استاذ الشؤون المائية والافريقية أن تركيا ضمن قائمة الدول الممولة لسد النهضة من خلال مشروع استثماري زراعي ضخم، لزراعة مليون ومائتي ألف فدان في منطقة السد، ومع انطلاق المفاوضات برعاية أمريكية سارع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان للتحرك فى هذا الملف بهدف تفجيره بالتعنت.
واضاف ان استثمارات تركيا في إفريقيا تبلغ 6 مليارات دولار، نصيب اثيوبيا وحدها منها أكثر 2.5 مليار دولار، وتتطلع أنقرة إلى زيادتها لتصل إلى 10 مليارات دولار بنسبة زيادة تبلغ 300% احتلت بها تركيا المركز الثاني بين الدول الأجنبية الأكثر استثمارًا في إثيوبيا،كما يوجد في إثيوبيا حاليًا أكثر من 350 شركة تركية، دخلت منها 120 شركة في 2014، ويعمل بها أكثر من نصف مليون إثيوبي، وتتركز الواردات التركية لإثيوبيا في الملابس والأحذية والحديد المنتجات البلاستيكية والأدوية، بينما الصادرات الإثيوبية تركزت في الحبوب واللحوم والفواكه والخضراوات والنسيج، حتى أن وزير الاقتصاد التركي اعتبرها قبل أشهر أكبر دولة مستثمرة في إثيوبيا.
ويشارك المستثمرون الأتراك في إثيوبيا في الغزل والنسيج، وكذلك في قطاعات البناء والتشييد، كما يعمل البلدان معا في قطاع الطاقة مع شركة تركية تعمل في مجال تركيب خطوط نقل الكهرباء وتوريد المحولات.
وأكد أن السيطرة على الاقتصاد الإثيوبي حققت لتركيا أكثر من هدف إذ صارت رقما صعبا في معادلة اتخاذ القرار الإثيوبي وخاصة في ملف سد النهضة كما أشرنا سلفا كما أصبحت المصدر الرئيسي للسلع التي يستهلكها الشعب الأثيوبي، وخاصة مع رفع الرسوم الجمركية على السلع والبضائع التركية، خاصة في مجالات الغزل والنسيج والزراعة، والجلود، وتجهيز الأغذية والأدوية التي طرقتها بالفعل عدد من الشركات التركية، إلى جانب قطاعات كالبناء والتشييد، كما يتعاون البلدان في قطاعات الطاقة بمختلف أشكالها، وفي مجالات توريد وتركيب المحولات ومد خطوط نقل الكهرباء.