تعامدت أشعة الشمس، اليوم الخميس، على معبد الملكة حتشبسوت، في جابنة “طيبة القديمة”، بالبر الغربي لمدينة الأقصر، في ظاهرة فلكية تتكرر يوم 9 من شهر ديسمبر، كل عام، وهو اليوم الذي يواكب عيد المعبود حورس، ويوم 6 من شهر يناير، والذي يواكب عيد المعبودة حتحور.
وقال أيمن ابوزيد، رئيس الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية، إنه مع بداية فصل الشتاء تبدا الشمس في مداعبة المقاصير المقدسة لأمون رع، رمز الشمس المشرقة بمدينة طيبة، وتتخلل أشعة الشمس عدد من المقاصير في المعابد الشرقية والغربية لمدينة الشمس الجنوبية طيبة، حيث حرص الفلكيبن المصريين القدماء على ربط أغلب معابد مدينة طيبة ومعابدها بشمس فصل الشتاء على زاوية فلكية تقع أقصى الجنوب الشرقي واعتادوا على تحديد عدد من الأعياد والفاعليات الدينية للاحتفال بها خلال هذة الفترة التي تكون الشمس في أقل انخفاض لها.
ومن الاعياد التي تتوافق مع هذة الفترة عيد حورس، والذي يوافق يوم ٩ من شهر ديسمبر، كل عام، وكذلك عيد حتحور ٦ من شهر يناير، وكذلك عيد رع الموافق ٢١ ديسمبر بمعبد الكرنك، والذي يعد الأهم على الخريطة السياحية الفلكية للأقصر.
وأضاف أبو زيد، أنه في إطار الحملة الترويجية التي تقوم بها الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية بالأقصر، يتم نشر هذا النمط السياحي الجديد الذي لم يكن معروفا من قبل في الأوساط السياحية حتى عام ٢٠١٢، حيث انطلقت فية المبادرة المجتمعية من خلال المجتمع المدني ودعم الؤسسات التنفيذية ليتم وضع الكرنك على الخريطة السياحية، وبالفعل أصبح أحد أهم الفاعليات السياحية بالمدينة، وشارك السائحين الموجودين في المدينة في مشاهدة الحدث.
رصد الظواهر الفلكية
وأوضح أيمن أبو زيد، رئيس الجمعية، أن الفاعليات الفلكية بمعبد الملكة حتشبسوت، يمكنها أن تثري الأجندة السياحية والأثرية بالأقصر، إذا تم وضعهم على الأجندة السياحية للمدينة، فالشمس لم تخطيء طريقها إلى مقاصير المعبد خلال العشر سنوات الماضية والتي قامت الجمعية، فيها بالتعاون مع الباحث أحمد عوض، المتخصص في رصد الظواهر الفلكية.
وأردق أن المبادرة تعتمد على البحث العلمي والرصد الميداني الذي يؤكد ريادة المصريين القدماء في علوم الفلك وفي ثراء مدينة الشمس الجنوبية بظواهر فلكية نادرة لا توجد مدينة قديمة أخرى؛ فالأقصر، مدينة لم يكشف بعد عن كل اسرارها ولكنها تحتاج تضافر كل الجهود المصرية الخالصة لاستغلال كافة المقومات التراثية التي تمتاز بها المدينة.
وأضاف أن المجتمع المدني، يمكن أن يكون شريكا في خطط التنمية إذا تم دعمه ومساعدته، واستغلال خبراته في كافة المجالات يكون خطوة هامة لإضافة أنماط سياحية جديدة من شأنها تحقيق جذب سياحي للمقاصد السياحية المصرية.
علوم وأسرار الفلك
يذكر أن الباحث أحمد عوض، قال إن مصر القديمة تشتهر بتفردها في معرفة علوم وأسرار الفلك، ورصد ودراسة الأجرام السماوية، وتوصلوا إلى السنة الحقيقية بدقة، فقسموا الليل والنهار إلى 12 ساعة ورصدوا الكواكب في السماء، وقسموا السنة إلى أيام وشهور وفصول، واستعانوا بالعلوم الفلكية في توجيه المعابد والمباني والصروح والمقاصير القديمة.
وأشار إلى أن تلك المعلومات كان لها دور هام في حياتهم الدينية، ودلت أيضا على عمليات بناء المنشئات الدينية، حيث كانت تبدأ برصد النجوم حتى يعرفوا الوجهة الصحيحة للمعبد الذي يقومون ببنائه، وتعرفوا على بعض الظواهر الطبيعية السماوية، ورصدوا ظاهرتي الخسوف والكسوف.
وأكمل عوض، أن فريقا بحثيا برئاسته وبعضوية الباحثان أيمن أبو زيد والطيب محمود، وبموافقة من اللجنة الدائمة بالمجلس الأعلى للآثار المصرية، تمكن من رصد 22 ظاهرة فلكية داخل المعابد والمقاصير القديمة في 6 محافظات مصرية، هي: الجيزة والوادي الجديد وسوهاج وقنا وأسوان والأقصر، وهي ظواهر تؤكد على أن القدماء المصريين كانوا على معرفة مدهشة بعلوم الفلك.