ادانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي ارتكابها بحق المدنيين الفلسطينيين في القدس الفلسطينية والضفة الغربية،
بلغت ذروة هذه الانتهاكات خلال الأيام الستة الماضية عبر جريمة قتل 16 مدنياً فلسطينياً، وإصابة العشرات، والذين جاءت إصابة نصفهم بالرصاص الحي، فضلاً عن اعتقال عشرات آخرين.
وخلال الليلة الماضية، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي خمسة فلسطينيين في مناطق بيت لحم وحوسان وجنين ومخيم جنين ونابلس وسلواد ورام الله وكوبر وبيرزيت، واعتقلت 17 فلسطينياً من تلك المناطق، كما أصيب ثمانية فلسطينيين بالرصاص الحي، بالإضافة لأكثر من 20 مصاباً آخرين في مواجهات اندلعت خلال الاقتحامات.
وقال بيان المنظمه انه من بين الشهداء الناشط الحقوقي “محمد حسن عساف” الذي اغتالته سلطات الاحتلال في مدينة نابلس مساء أمس، ويرجح أنه قد تم اغتياله عمداً نظراً لدوره كمستشار قانوني في حملة ضد الجدار، وهو ما يشكل جريمة قتل خارج نطاق القانون، وهي الجريمة التي باتت ترتكبها قوات الاحتلال بصورة منهجية في ظل التحريض الذي تشكله تعليمات وزير دفاع الاحتلال.
كما قتلت قوات الاحتلال السيدة “غادة سباتين” من قرية حوسان بقضاء بيت لحم يوم 10 أبريل الجاري بدعوة الاشتباه في أنها كان يمكن أن تشكل خطراً على جنود الاحتلال، وهو ما لم يتم تقديم أية شواهد على صحته، وتوفيت “سباتين” الأرملة والأم المعيلة لستة أبناء، ولم يكن بحوزتها أية أداة قد تشكل خطراً على سلامة الجندي القاتل.
وكان القتل العمدي خارج القانون أكثر وضوحاً في مقتل فتاة فلسطينية عند أحد الحواجز في الخليل جنوبي الضفة في وقت لاحق من اليوم نفسه، حيث قامت الفتاة بمحاولة طعن أحد جنود الاحتلال والتي جاءت ردة فعل على قتل السيدة “سباتين” في بيت لحم قبلها بساعات، وبينما قام جنود الاحتلال بإصابتها بطلق ناري، فقد منعوا استدعاء أو وصول سيارات الإسعاف إلى المكان لحين وفاتها بسبب نزيف حاد من الدماء.
تم توثيق استهداف جنود الاحتلال الإسرائيلي للجزء لأعلى من الجسد بهدف القتل العمدي خلال السنوات الأربعة الماضية، فإن الشواهد الحالية تشير إلى اتباع نهج جديد يؤدي إلى القتل، حيث تتعمد قوات الاحتلال استهداف موضع الشريان السباتي في الساق على نحو يؤدي إلى نزيف حاد وسريع ومميت، وهو ما يشكل أيضاً قتل عمدي وخارج نطاق القضاء.
وواوضحت المنظمه :لا تنفصم موجة اقتحام بلدات الضفة الغربية عن الاستفزازات المتصاعدة للفلسطينيين في مدينة القدس الفلسطينية المحتلة، حيث تقوم قوات الاحتلال بعمليات استفزاز واسعة بحق الشباب الفلسطينيين بصفة خاصة خلال دخولهم للبلدة القديمة لأداء الصلوات في المسجد الأقصى، بما في ذلك بتمريرهم على غرف جديدة مقامة في مداخل البلدة القديمة لإجراء عمليات الاستجواب والتفتيش، والتي تجري خلالها عمليات اعتداء بدني ولفظي بحق الشباب صغار السن.
وتشهم في تأجيج المشاعر قيام سلطات الاحتلال بتوفير وتسهيل عمليات اقتحام المستوطنين لحرم المسجد الأقصى لمرات متعددة منذ بداية شهر رمضان المبارك، وهو ما يعني تمهيد الأرض لمواجهات مفتوحة، يتوقع أن يتم أخطرها يوم 16 أبريل/نيسان الجاري، تترافق في الوقت الحالي مع العودة للتحرش بسكان منطقتي الشيخ جراح وسلوان.
كما جرى تصعيد الاستفزازات لتوسيع المواجهة من خلال تصريحات عدائية لكبار أعضاء حكومة الاحتلال عبر التهديد بأن رد الاحتلال على المقاومة المدنية في الضفة الغربية سيكون تجاه قطاع غزة المحاصر.
بالإضافة إلى تداول إعلامي واسع لتعليمات صدرت من حكومة الاحتلال لقواتها بالاستعداد لعدوان جديد على القطاع وفق خطة معدة سلفاً وتشكل تطويراً لخطط العدوان الإسرائيلي في مايو/آيار 2021، الذي أدى إلى مقتل 240 من سكان القطاع، بينهم 60 طفلا و38 سيدة، فضلاً عن إصابة 630 طفلا و397 سيدة، ونزوح نحو 40 ألفاً، فضلاً عن تدمير 1350 عقاراً بصورة كاملة، وتضرر 7700 منشأة بشكل جزئي، تضم المدارس والمشافي ومرافق الخدمة العامة ودور العبادة والمصانع.
وقال “علاء شلبي” رئيس مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان أن حكومة “بينيت – ليبيد” الائتلافية بصدد تفريغ أزماتها السياسية التي تهدد بقائها وفشل خططها على المستوى الإقليمي من خلال استفزاز المدنيين الفلسطينيين للدفع بعدوان جديد وإسالة الدماء التي تستبيحها الحكومات الإسرائيلية دون رادع.
وأضاف أن المنطقة قد تشهد صيفاً ساخناً من جديد إذا ما أقدم الاحتلال الإسرائيلي على توسيع نطاق الجرائم الهمجية بحق الفلسطينيين، محذراً من أن عدوان جديد سيؤدي حتماً لحالة من التوتر غير المسبوق لم تعرفها المنطقة خلال العقد السابق، موضحاً أن الاقتحام المخطط للمسجد الأقصى يوم بعد غد السبت سيكون سبباً لتأجيج المشاعر الدينية وموجات غضب شعبي لا يمكن توقع مداها، فضلاً عن الإحراج الذي سيضرب حكومات المنطقة التي استنفذت كافة دواعي الصبر أمام مواطنيها.
وقال “شلبي”: نتوقع انهيار الجهد الدولي المكثف الذي تم بذله في الشهور الماضية لإنجاز عمليات “تهدئة وتبريد براكين النار في المنطقة، في سياق التوتر والاستقطاب الدولي الحاد الذي ولده النزاع بين روسيا وأوكرانيا”.
واكد المنظمة العربية لحقوق الإنسان على خطورة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الحرب الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين، وما تستوجبه من مساءلة ومحاسبة.
وتشعر المنظمة بالقلق إزاء ندرة المعلومات المتخصصة حول ماهية التدابير التي اتخذها مكتب الإدعاء العام للمحكمة الجنائية الدولية في سبيل التحقيق في الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية منذ صدور قرار بدء التحقيقات في 3 مارس/آذار 2021.
وفي ضوء الفشل المتكرر لمجلس الأمن في الاضطلاع بمسئولياته تجاه السلم والأمن الدوليين، فإن المنظمة تدعو الجمعية العامة للأمم المتحدة للتحرك بصورة عاجلة وعدم تضييع الوقت وانتظار وقوع المآسي والفظاعات، مع التصرف بموجب صيغة “الاتحاد من أجل السلم” لتكثيف الضغط على الاحتلال الإسرائيلي ومنع توسيع جرائمه وعدوانه، فضلاً عن تأكيد أن إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية منذ 1967 لا يحتاج إلى تفاوض ولا يخضع لقيد أو شرط.