موقع مصر الإخباري
- أخبار هامةمقالات الرأي

المستشار شعبان رأفت عبد اللطيف يكتب : حكمت المحكمة

تحدثنا في مقال سابق عن أثر جريمة القتل على الأفراد والمجتمع، وأوضحنا كيف تؤثر الجريمة على الأمن الاجتماعي داخلياً وعلى الاقتصاد الوطني والاستثمار، وكيف تؤثر سلباً لدى عامة المستثمرين وراغبي الاستثمار في مصر وعلى السياح العرب والأجانب، وأثر ذلك على المجهودات التي تبذلها الدولة لجذب الاستثمار الأـجنبي لانعاش الاقتصاد الوطني وتشغيل العمالة والحد من البطالة .. إلا انه لازالت لجريمة قتل طالبة المنصورة ” نيرة أشرف ” وعلى وجه الخصوص أصداء واسعة على الصعيدين المحلي والدولي والدعوات المناهضة لحكم اعدام القاتل فبعيداً عن الاعتبارات القانونية لنا أن نوجه سؤالاً لمن ينادي بجمع تبرعات تحت مسمى مساعدة أسرة المتهم في سداد الدية حتى يتم التخفيف من العقوبة وهذا طبعاً مخالف تماماً للقانون والعرف الاجتماعي ماذا لو .. لا قدر الله. . كانت هذه الجريمة تمس أي من هؤلاء فهل يقبل الديه أو التصالح باعتباره من أهل المجني عليه أو ولي الدم، هل يكون هذا رد فعله وهل يقبل بذلك. الإجابة طبعاً معلومة مسبقاً.
إذاً .. لماذا نتحايل. ولماذا يسعى بعضنا إلى إهدار حقوق الآخر دون وعي أو إدراك لما يرتكبه من آثار، ولماذا علت هذه الدعوات الآن .. هل ذلك بغرض الظهور والهوس الإعلامي، أم بغرض تقسيم الرأي العام واحداث فوضى مجتمعية لإظهار الرأي العام خارجياً باعتراض الغالبية على تنفيذ حكم الإعدام وهو ما تطالب به المنظمات الدولية التي تدعي مناصرة حقوق الانسان، وبذلك تكون رؤى هذه الأطراف متفقه في هذا التوجه لأنه وببساط إذا لم تنفذ أحكام الإعدام في جرائم القتل متى توافرت شروطها فستكون هناك فوضى مجتمعية وعدم استقرار داخلي خاصة إذا ما اقترن ذلك بالأخذ بالثأر بدلاً من تنفيذ القانون، وهذا ما تسعى اليه هذه المنظمات لكننا نأسف القول. أنه وفي الآونة الأخيرة وفي المحيط العربي أصبحنا أمام منعطف خطير لانتشار جريمة القتل فقد ارتكبت خلال هذه الفترة أكثر من جريمة قتل وفي أماكن متفرقة في مصر وفي فترة زمنية متقاربة بالإضافة إلى ما حدث في كل من الأردن وفلسطين وهذا ينذر بخطر جسيم. لا ندري ما هو الدافع لارتكاب مثل هذه الجرائم، وهل هذا نتيجة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وما تبثه من برامج بهدف التأثير على عقول المتابعين والتحكم في تصرفاتهم وتوجيهها. فان كان كذلك. فلا بد من سرعة المعالجة الإعلامية والمجتمعية تجنباً من الآثار السلبية للجريمة على المجتمع والاقتصاد الوطني والجهود التي تبذل لجذب الاستثمار.
وذلك. لأن سرعة محاكمة الجاني وتنفيذ الحكم هي بحد ذاتها رادعة حيث نار الجريمة لاتزال مستعرة ولن تهدأ أسرة المجني عليه أو المجتمع إلا بسرعة المحاكمة وتنفيذ العقوبة لأن ذلك يمثل رادعاً للجريمة والجناة ولمن تسول له نفسه ارتكاب فعلاً مماثلاً، فضلاً عن حماية الأمن الاجتماعي داخلياً وتوجيه رسائل إيجابية للخارج أن القانون فوق الجميع، وأن الدولة قادرة على فرض الأمن والاستقرار وأن هذه الجرائم تحدث في كل دول العالم دون استثناء. ولا زلنا ننتظر سماع حكمت المحكمة.
وحيث القانون .. فكلنا يعلم أن هذه الجريمة ليست من الجرائم التي يجوز فيها التصالح من ورثة المجني عليه أو وكيله وبالتالي فإن قانون العقوبات المصري قد خلا من نص يبيح التسامح مع القاتل والعفو عنه إذا دفع الدية باعتبار أن القصاص من القاتل ليس حقاً لأهل القتيل وذويه فقط بل هو حق للمجتمع بأسره الذي روّع جراء ارتكاب الجريمة ومن حالة الرعب والذعر التي لحقت بنفوس الناس والمجتمع عقب ارتكابها وحالة الفوضى التي يمكن أن تعقبها. إذ قد تتشعب الجريمة بين أهل المجني عليه وأهل الجاني وما تؤدي إليه حالة عدم الاستقرار المجتمعي التي تعقب هذا الفعل. وبالتالي فالقول بغير ذلك هو سفه ومحاولة القفز على أوجاع الناس ومصابهم بهدف الظهور إعلامياً.
ورغم أن رأي المفتي هنا هو رأي استشاري إلا أن الكل ينتظر وبشغف الرأي الشرعي لمفتي الجمهورية في اعدام القاتل حيث أن المادة (381) من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بإلزام المحكمة التي تصدر حكماً بالإعدام أن تحيل أوراق القضية إلى المفتي لأخذ رأيه حيث تنص على أنه ” تتبع أمام محكمة الجنايات جميع الأحكام المقررة في الجنح والمخالفات مالم ينص على خلاف ذلك، ولا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكماً بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية، ويجب ارسال أوراق القضية إليه فإذا لم يصل رأيه إلى المحكمة خلال العشرة أيام التالية لإرسال الأوراق اليه حكمت المحكمة في الدعوى”.
ويعتمد المفتي قواعد ثلاثة في إبداء الرأي الشرعي في إعدام المحكوم عليه بالإعدام من محكمة الجنايات وهي ” 1- أن يكون ارتكاب المتهم لجريمة القتل بالعمد مع سبق الإصرار والترصد وذلك استناداً للآية (178) من سورة البقرة ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ۖ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ ۚ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ۗ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ۗ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ”
2- أن يرتكب المتهم فعلاً من أفعال الفساد التي ينطبق عليها حد الحرابة وذلك استناداً للآية رقم (33) من سورة المائدة ” إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ”
3- أن يكون المتهم ارتكب جريمة تؤثر على أمن الدولة ويعرض المجتمع للقتل مثل جرائم الارهاب والتجسس.
ولما كانت الجريمة التي نحن بصددها وقد ارتكبت في وضح النهار وفي أبشع صور لها إذ قام المتهم بطعن المجني عليها ثم قام بذبحها أمام المارة دون اكتراث لحرمة النفس فإنه يكون قد اعتدى على سائر المجتمع وتعريض الحياة الاجتماعية للخطر، وأصبح الكل ينتظر وبشف سماع كلمة حكمت المحكمة ، اللهم احفظ لمصر أمنها وأمانها ووحد بين أبنائها مادامت السموات والأرض.

المزيد من الأخبار

اترك تعليقا

* باستخدام هذا النموذج ، فإنك توافق على تخزين ومعالجة بياناتك بواسطة هذا الموقع.

موقع مصر
بوابة موقع مصر - أخبار مصر

يستخدم موقع مصر ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد