تمتاز مصر بموقع جغرافي فريد له العديد من المقومات الاستراتيجية والتي كان يتم الإشارة لها بشكل عابر في المقررات الدراسية خلال الفترة الإعدادية، ومع بلوغنا المراحل العمرية المتقدمة، أدركنا بحق أهمية وخطورة هذا الموقع، ووجودنا في نقطة ارتكاز هامة من الخريطة العالمية وكيف لدولة واحدة تربط ما بين بحرين وقارتين وقربها من السواحل الأوروبية يمكن أن تكون دولة مرورية أو محورية على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
أدركنا أيضا أن دولا ومجتمعات أخرى لو كانت تتمتع بموقع كالذي تمتاز به مصر، لاستغلت ذلك على نحو يحقق المصالح المجردة للدولة دون أن يشغلها مع إن كان ذلك يعود بالضرر على الآخر الغربي، وهو النهج الذي تنتهجه بالفعل دولا تقع بالقرب من الاتحاد الأوروبي، وتسخر تمركزها الاستراتيجي ليعود عليها باستفادات اقتصادية لرعايتها اللاجئين.
ولا تجد تلك الدول أي مانع في استضافة اللاجئين علي اراضيها أو عمل معسكرات لهم واستخدامهم كفزاعات إن لزم الأمر، وتهيأتهم كقنابل موقوتة لاستغلالها ضمن أجندتنا السياسية للضغط بها سياسياً طبقاً للإملاءات التي تصلها أو استغلالها للضغط مادياً في إطار تمويلات تصل لحد المليارات، لمجرد منع تهجير او استغلال اراضي هذه الدول كدولة معبر.
مصر التي لم تبتز الغرب بفزاعة اللاجئين غير الشرعيين
ولكن وفي المقابل لم تفعل مصر ذلك، وفي أصعب السياقات الاقتصادية والسياسية والتاريخية التي مرت عليها، اختارت ألا تستغل ذلك على نحو سئ، أو بالمعنى الأوضح “مصر كانت دائماً تلعب بشرف” ، وفي خضم كل التحديات الاقتصادية والسياسية والامنية والاجتماعية لم تستغل تميزها الجغرافي لتلوح بابتزاز الدول الأخرى للحصول علي تمويلات لاستضافة ما يقرب من ٦ ملايين لاجئ علي اراضيها بكل متطلباتهم الضخمة.
مصر مارست دورها بنزاهة تامة ونجاح مبهر في مكافحة الهجرة الغير شرعية، واستحقت عليه الإشادة على دورها منذ نهاية ٢٠١٦ من جميع الدول والمنظمات المعنية.
وكان من السهولة بمكان، أن تقوم مصر وتحديداً خلال فترة الحرب علي الإرهاب ما بين ٢٠١٤ وحتي ٢٠٢٠، بتحويل التحديات أمامها إلى مكاسب أو كروت ضغط في المحافل الدولية و بتلويحات بسيطة، كانت كفيلة بتغير الموقف من مصر في العديد من التحديات، ولكن وكما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي ” مصر خاضت حروفها بشرف في زمن عز فيه الشرف”.
كان من السهولة بمكان أن تستخدم مصر موقعها الجغرافي كمعبر للأفارفة الباحثين عن الهجرة واستغلال مصر كدولة معبر للهجرة الغير شرعية، كما تقوم بذلك تماما دولا تستخدم موقعها كدولة مصدرة للإرهاب الممنهج.
لكن لا لم يحدث ذلك، مصر حملت درعها وسيفها في مواجهة تحدياتها وخاضت حربا ضروسا علي الإرهاب، نيابة عن الجميع، ونيابة عن دول أوروبا التي كانت هدفا سهلا من البداية لتصدير الأرهاب إلى أراضيها.
وللحديث بقية …
الكاتب :رئيس لجنه حقوق الانسان بمجلس النواب