استقبل « المستشار حماده الصاوي النائب العام لجمهورية مصر العربية» أولَ أمس الأحد الموافق الخامس من شهر سبتمبر الجاري «المستشار مبارك محمود عثمان النائب العام لجمهورية السودان الشقيقة» و« محمد إلياس الحاج سفير جمهورية السودان لدى مصر» ووفدًا رفيعَ المستوى من قادة وأعضاء النيابة العامة السودانية، وذلك في حضور وفدٍ مماثل من قادة وأعضاء النيابة العامة المصرية بمقرِّ (مكتب النائب العام بالقاهرة).
واستُهلت مراسم الاستقبال بتبادل الجانبين الهدايا التذكارية، ثم التوقيع على مذكِّرة تفاهم بشأن التعاون بين النيابتين؛ اعترافًا بأهمية الاستمرار في تقويته لمكافحة الجريمة، وتعزيز سائر أوجه التعاون في الأمور ذات المصلحة المتبادَلة بما يتفق والتشريعات والاتفاقيات والمعاهدات النافذة في الدولتين، خاصةً في مجالات مكافحة جرائم الإرهاب، والجرائم المنظمة عبر الوطنية، والإلكترونية، والاقتصادية، وجرائم الفساد، والاتِّجار غير المشروع بالبشر وفي العقاقير والمخدِّرات، والممتلكات الثقافية. كما اتفق الطرفان في المذكرة على تبادل المعلومات بشأن الجريمة والظواهر الإجرامية، وحول النظام القانوني في الدولتين وتشريعاتهما، والخبرة الدولية لهما في تلك المجالات، فضلًا عن التشاور في الأمور القانونية المتصلة بإعداد وتقييم طلبات المساعدة القانونية وتسليم المجرمين، وكذا تبادل زيارات الخبراء بين النيابتين لرفع كفاءة الأعضاء بهما وتعزيز استخدام تكنولوجيا المعلومات وتقنيات التحول الرقمي في مجالات التعاون المشار إليها.
وأعقب ذلك عقد لقاء بين النائبين العامين ووفدي النيابتين بقاعة «االمستشار الشهيد هشام بركات» بمقر (مكتب النائب العام)، حيث استهل « رئيس النيابة» مُقدِّم اللقاءِ الحدثَ بالترحيب بالجانب السوداني وتأكيد أصالةَ العلاقة التاريخية بين البلدين الشقيقين ورسوخ روابط الصلة بين الشعبين، ثم استعرض نخبة من قادة وأعضاء النيابة العامة المصرية مزيجًا مختلفًا من ممارساتها المتميزة في مجالات الإسهام في الإصلاح التشريعي والآليات المُستحدَثَة في تحقيق جرائم الاتِّجار بالبشر، والهجرة غير الشرعية، والعدوان على المال العام، وغسلِ الأموال، ومكافحة الفساد، وجرائم الجماعات والتنظيمات الإرهابية، وكيفية التعامل مع مسرح الجريمة والأدلة، وكذا ممارسات إدارتي «التعاون الدولي» و«حقوق الإنسان» بشأن استرداد وتسليم المجرمين والتعامل مع الجهات الدولية الجنائية، ودور النيابة العامة في ملف حقوق الإنسان، إضافةً إلى استعراض أعمال «النيابة العامة المصرية» في مجال التحول الرقميّ ومنهجية التدريب التي تتبعها لرفع كفاءة أعضائها وموظفيها باستخدام التطور التكنولوجي.
واختُتم اللقاء بكلمتين للنائبين العامين، حيث أعرب « المستشار مبارك محمود عثمان النائب العام لجمهورية السودان» عن سعادته بالممارسات المعروضة من قِبَل أعضاء النيابة العامة المصرية بمختلف موضوعاتها، مؤكدًا معالجتَها كثيرًا من مشكلات العمل التي تواجه «النيابة العامة بالسودان»، وأشار إلى حرصه على زيارة «النيابة العامة المصرية» مُنذ توليه منصبه نائبًا عامًّا؛ للاستفادة من تجرتبها وثِقلِها القانوني في الوطن العربي والقارة الإفريقية، الذي تستمدّه من قوة النظام القانوني المصري، ولاعتبار جمهورية مصر العربية البلد الأقرب وجدانيًّا وتاريخيًّا وجغرافيًّا لجمهورية السودان، مُشيدًا بشباب النيابة العامة المصرية ممَّن قدموا ممارساتها خلال اللقاء، مؤكدًا أنهم العامل الأساس لضمان مستقبل زاهر «للنيابة العامة المصرية».
كما أكد حرصَهُ على الاستماع الدائم لتجارب «النيابة العامة المصرية» والاستفادة منها في وضع منهج عمل أعضاء النيابة العامة بالسودان، مضيفًا أن تدريبهم في مصر هو تدريب في بلدهم.
واختتم كلمته بتأكيد عقد «النيابة العامة بالسودان» ورش عمل بمجرد عودة وفدها؛ لدراسة الموضوعات التي قدمتها «النيابة العامة المصرية» خلال الزيارة، ووضع منهج لتعزيز سبل التعاون والعمل المشترك بين النيابتين؛ سعيًا لخدمة أبناء وادي النيل.
بينما استهلَّ «المستشار حماده الصاوي النائب العام لجمهورية مصر العربية» كلمته بالترحيب بالجانب السوداني في بلده مصر وتهنئة المجتمع السوداني الشقيق على تولي «المستشار مبارك محمود عثمان» منصب النائب العام، مشيرًا إلى ما يتمتع به من خبرات متراكمة في أعمال النيابة المختلفة، داعيًا له بالإعانة على أداء رسالة النيابة العامة التي غايتها الإنابة عن المجتمع وإيتاؤه حقوقه ورعاية مصالحه، وتحقيقه مساعي السودان الشقيق في إزالة آثار التمكين التي تخالف الفطرة السليمة للشعب السوداني، مشيرًا إلى أن النيابة العامة هي أداة إصلاح وتصحيح رئيسة تضبط إيقاع التغير الطارئ على المجتمعات بحياديةٍ ونزاهةٍ.
وقد أكد أن مصرَ والسودانَ أبناء وادي النيل أمةٌ واحدة وشعبٌ واحد، يتقاسمون على مرِّ التاريخ مصالحهما وتطلعاتهما المشتركة، ويحرص كل جانب منهما على الآخر بأخوَّة حقيقية وعطاء صادق، كما أشار سيادته إلى تطلعه لتعزيز التعاون المثمر بين النيابتين المصرية والسودانية في ضوء مذكرة التفاهم الموقعة، وبأية صورة من صور التعاون القضائي المباشرة، بما يحقق مزيدًا من الاستقرار في البلدين، ويعزز من تحقيق العدالة الناجزة فيهما، فضلًا عن تطلع سيادته إلى التعاون المشترك في سبيل مكافحة مختلِف الجرائم، خاصةً المستحدثة منها كجرائم تقنية المعلومات وتعمد نشر الأخبار الكاذبة التي تكدر السلم والأمن العامين، وجرائم الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، وغسل الأموال، والعدوان على المال العام، ومكافحة الفساد بكل صوره؛ سعيًا لترسيخ سبل الاستقرار والأمن القومي الاجتماعي بالبلدين، مؤكدًا أنه لا سبيل لذلك إلا بتعزيز التعاون بين الجانبين وعقد الدورات التدريبية لأعضاء النيابتين لرفع كفاءتهم الفنية وإلمامهم بآليات التحقيق المستحدثة المعتمدة على التقنيات الحديثة التي أصبحت لازمة لضمان استقرار العدالة الناجزة.
كما أكد ضرورةَ تضامن الجانبين في التصدي للجرائم المنظمة عبر الوطنية، وضرورة تبادل الخبرات بينهما في مجال استخدام تقنيات التحول الرقمي؛ تسهيلًا للإجراءات القانونية والقضائية على المواطنين وتعظيم سبل مكافحة الفساد وصوره، وكذا ضرورة المشاركة الفعالة في ملف حقوق الإنسان في ظلِّ إعمال المواثيق والمعاهدات الدولية في هذا الشأن.
واختتم الكلمة بتطلعه إلى مزيد من اللقاءات الثنائية بين الجانبين لبحث مختلف الأفكار والمجالات المتاحة، وتأكيده استعداد «النيابة العامة المصرية» لتلبية كل ما تهتم به «النيابة العامة بالسودان» وتطلب التعاون فيه، مؤكدًا ديمومةَ رسوخ الرباط بين البلدين ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا.
هذا، وقد استُؤنفت مراسم الزيارة في اليوم التالي الاثنين الموافق السادس من شهر سبتمبر الجاري بدعوة «السيد المستشار النائب العام لجمهورية مصر العربية» نظيرَه السوداني والوفد المرافق لسيادته لتفقّد قاعات التدريب والبحث (بمعهد البحوث الجنائية والتدريب) بالنيابة العامة المصرية بالقاهرة، والاطلاع على البرامج التدريبية المعدة لأعضاء النيابة العامة والموظفين باستخدام التكنولوجيا الحديثة.
وفي ختام الجولة تفقّد الوفد محاضرة لعضوات النيابة العامة المعيّنات مؤخرًا، حيث ناقشهنّ النائبان العامان فيما يتلقونه بالدورة التأسيسية الموضوعة لهن تمهيدًا لانخراطهن الفعلي في أعمال النيابة العامة وتسكينهن بالإدارات والنيابات المختلفة.
شاهد :