أثبتت شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا بعدم حصول طعن من وزارة التربية والتعليم فى موقف نبيل على الحكم التاريخى الإنسانى الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بانتصار الطفلة (ھ.ح.س) ضد وزارة التربية والتعليم بإلزام وزير التربية والتعليم بأن يؤدى للطفلة مبلغاً مقداره ثلاثة اَلاف جنيه تعويضاً لها عن الأضرار المادية والنفسية التى أصابتها من خطأ الوزارة المتمثل في قيام إحدى المدارس الابتدائية بإدارة أبو المطامير التعليمية بإجبار الطفلة إعادة قيدها بالسنة الأولى ابتدائى فى العام الدراسى المحولة إليها رغم نجاحها بها بالسنة الأولى ابتدائى فى العام السابق عليه بمدرسة ابتدائية بإدارة وادى النطرون التعليمية بحجة صغر سنها مما أضاع عليها عام دراسى كامل بدون وجه حق وجبراً لخاطرها الذى أنكأته وزارة التربية والتعليم , مع اعتبار تقصير والد الطفلة الذى استغرق خطأ الوزراة فى عدم لجوئه إلى المحكمة لإجبار المدرسة على قيدها بالصف الثانى الابتدائى فى حينها , فيكون مبلغ التعويض خالصاً للطفلة جبراً لخاطرها وهى المضرورة وألزمت الجهة الإدارية المصروفات .وقد أصبح هذا الحكم نهائياً وباتاً.
وأكدت المحكمة فى حكمها المهم برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة الذى يستفيد منه اَلاف التلاميذ صغار السن الذين التحقوا بالمدارس واجتازوا أولى ابتدائى بنجاح وأرادوا التحويل لمدارس أخرى نتيجة تغيير محل إقامة الأسرة , أن نجاح التلاميذ بأولى ابتدائى يكسبهم مركزاً قانونياً يحظر على التربية والتعليم تعديله أو تغييره أو المساس به , ولا يجوز للمدارس المحول إليها المجادلة فى صغر سن الطفل بعد اجتيازه الصف الأول الابتدائى خاصة أنه لا يجوز معاقبة الطفلة المبدعة لصغر سنها , وأن الإبداع أمر ضرورى لبناء المجتمعات القادرة على مواجهة التحديات لا يتقيد ببلوغ التلاميذ سناً معينة عند التحويل . وأن إجبار الطفلة على إعادة قيدها بأولى ابتدائى رغم نجاحها يتناقض مع الأسس العلمية الحديثة والانتقال من مرحلة تعليمية لأخرى يجب أن يقوم على مبدأ الجدارة والتفوق وليس على مبدأ الاقدمية فى سن الطلاب , وأن حصول الطفلة على شهادتين للنجاح بأولى ابتدائى فى عامين دراسيين متتاليين يتصادم مع المنطق القانونى السديد ويشكل قمة الشطط من التربية والتعليم فى حق الطفلة .
كما أكدت المحكمة أنها راعت أن مقدار التعويض المحكوم به لصالح الطفلة أن وزارة التربية والتعليم أخطأت فى إعادة قيد الطفلة بالسنة الأولى الابتدائى رغم نجاحها فيه فى العام السابق عليه واستغرقه تقصير والد الطفلة أيضاً الذى لم يلجأ إلى المحكمة لإجبار المدرسة على قبولها بالصف الثانى الابتدائى وانتظر لانتهائها , ومن ثم يكون التعويض خالصاً للطفلة فليس المقصود به الإثراء على حساب مرفق التعليم بل القصد منه إرضاء الطفلة وجبراً لخاطرها الذى أنكأته وزارة التعليم كأول مبلغ تحصل عليه فى مقتبل حياتها من الوزارة التى اختصها القانون بتولى شئون التربية والتعليم وأخطأت فى حقها بتكرار إعادة للسنة التى سبق لها النجاح فيها بسبب رغبتها فى النقل إلى مدرسة قريبة من محل إقامة أسرتها الجديد أبو المطامير بدلاً المدرسة التى كانت مقيدة بها بوداى النطرون التى تبعد عنها ب 94 كيلومتر , لتعلم منذ الصغر قيم الحق والعدل فى بلادها فيكون حافزا لها على التفوق والنبوغ , فضلا عن الضرر النفسى والأدبى للطفلة وهى فى مقتبل العمر تمثل فى ضياع سنة دراسية من عمرها تسببت أسرتها فى عدم اللجوء إلى المحكمة لإلزام المدرسة بقيدها بالصف الثانى سعيا لانصافها , وبعد أن كانت مع زميلاتها فى نفس السنة الدراسية ومتفوقة عليهم أصبحت متأخرة عنهم بعام دراسى فوجب تعويضها بما يتناسب مع عمرها الزمنى وهى ست سنوات وعدة أشهر.
وفى قصة نادرة لطفلة نابغة صغيرة تقدمت مع أبيها الفلاح وسط جموع المتقاضين من الحضور الذين اكتظت بهم المحكمة وبمجرد أن نادى الحاجب على إسم والدها باعتباره ولياً طبيعيا على الطفلة , رحب بها القاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى رئيس المحكمة ليخفف من روعتها كأول مرة تدخل باب المحكمة وقال لها عاوز أسمعك , ممكن تحكى قصتك وسبب مجيئك المحكمة ؟ فابتسمت التلميذة بنت السادسة من عمرها وقالت للقاضى ” أنا بحب التعليم وشاطرة فى المدرسة وبعرف أرسم كويس جدا ودى لوحات من رسمى , وكان سنى 5 سنوات وشهور ونجحت وطلعت الأولى على مدرستى بوداى النطرون , لكن بابا نقل إقامتنا لأبو المطامير , وكانت فى واحدة صحبتى جارتى فى نفس القرية أبوها مسئول كبير حولها إلى المدرسة قريبة من البيت لكن مدير مدرسة أبو المطامير قالى أنتى سنك صغير قوى ولازم تعيدى سنة أولى تانى يا تروحى وادى النطرون كل يوم ! , عشان كدة قولت لبابا تعالى نروح للقاضى ” وحينما أحس القاضى بفطنته أن الطفلة متحدثة ومبدعة سألها القاضى الحصيف : ” إيه اللى خلاكى تنتظرى سنة كاملة وتعيدى سنة أولى , ليه مجتيش المحكمة على طول عشان نلزم المدرسة بقيدك فى سنة ثانية ؟” قالت للقاضى : ” مردتش أحمل بابا مصاريف القضية وهو فلاح على أد حاله لكن أنا يا سيادة القاضى حوشت من مصروفى 100 جنيه طول السنة اللى أجبرونى أعيد فيها سنة أولى تانى وهى دى المصاريف الدراسية اللى دفعها بابا للمدرسة , ولما خلصت السنة قولت لبابا يالة نروح للقاضى ” فقال لها القاضى انتظرى يا ابنتى لما تسمعى الحكم أخر الجلسة —
ثم نطق القاضى بالحكم لصالح الطفلة بإلزام وزير التربية والتعليم بأن يؤدى إليها مبلغ ثلاثة اَلاف جنيه تعويضاً لها عن الأضرار التى لحقتها وجبراً لخاطرها الذى أنكأته وزارة التربية والتعليم , وبعد نطق القاضى الإنسان بالحكم ارتسمت الفرحة على ملامح الطفلة المبدعة بانتصارها على وزارة التربية والتعليم وقالت لوالدها أمام القاضى ” أنا بس عاوزة ال 100 جنيه والباقى ليك يا بابا ” ورفع القاضى الجلسة والطفلة تكاد تقفز على المنصة لتقبل وجنتيه , وبكى والدها الفلاح البسيط ووجه رسالة لوزير التعليك بأنه انجب طفلته الوحيدة بعد 14 سنة جواز وأمله الوحيد أنها تتعلم , وقالت له : ” لا تبكى يا أبى دموعك غالية عليا ” سجلت تلك اللحظات الأليمة عدسة الزمن فى الفيديو .
قالت المحكمة برئاسة القاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أنه فى مجال اعلان نتائج الطلاب فإن مؤدى اعلان نتيجة التلميذ وثبوت نجاحه واعتماد تلك النتيجة من الجهات المختصة فإنه يصبح للطالب حق مكتسب لا يجوز تعديله أو تغيره لما ينطوى عليه ذلك من مساس محظور بمركزه القانونى .وقد اجتازت الطفلة الصف الأول الابتدائى بنجاح وأصبحت منقولة إلى الصف الثانى الابتدائى فى العام الدراسى اللاحق ونظرا لأن والدها غير محل إقامته من وادى النطرون إلى أبو المطامير فقد تقدم بطلب لنقل طفلته بالصف الثانى الابتدائى إلى مدرسة كوم الفرج الابتدائية بأبو المطامير لكنها أجبرتها على إعادة السنة الأولى مرة ثانية بحجة صغير سنها , وكان يتعين على تلك المدرسة وواجباً عليها أن تصدع لما اكتسبته الطالبة من مركز قانونى بنجاحها ولا يجوز لها المجادلة فى صغر سنها بعد اجتيازها الصف الأول الابتدائى وتنعدم سلطتها التقديرية فى تقرير السنة الدراسية على نحو يخالف السنة الدراسية المستحقة لها بعد نجاحها ، وهذا المركز القانونى بنجاح الطفلة بالصف الأول الابتدائى يحظر تعديله أو تغييره أو المساس به مما يشكل ركن الخطا فى جانب وزارة التربية والتعليم.
وأضافت المحكمة أنه لا محاجة فيما تذرعت به وزارة التربية والتعليم فى سبيل اجبارها للطفلة على إعادة قيدها بالصف الأول الابتدائى مرة أخرى على الرغم من نجاحها فيه فى العام السابق عليه بحجة صغر سنها ذلك أن الإبداع صار امراً ضرورياً لبناء المجتمعات القادرة على مواجهة التحديات بأشكالها المتباينة ، وابتكار الحلول لمشكلاتها الراهنة والمستقبلية، وإنتاج المنجَزات الحضارية التي تكفل لهذه المجتمعات البقاء والنمو بحسبان أن الإبداع فعلاّ مكتسباً لا يقتصر على أمة دون أخرى أو مجتمع دون آخر، لكونه قابلا للتعليم والتعلم والاكتساب إذا ما توافرت من أجله الجهود وتحمّست له الإرادة الحرة ، وهذا الأمر لا يتقيد ببلوغ التلاميذ سناً معينة طالما توافر لدى التلميذ كل المقومات اللازمة للإبداع فكل فرد مبدع أو له قابلية للإبداع إذا هُيئت له الظروف المناسبة لهذه العملية .
وأشارت المحكمة أن قرار إجبار الطفلة على إعادة قيدها بالصف الأول الابتدائى رغم نجاحها فيه فى العام السابق عليه يتناقض مع الأسس العلمية الحديثة ذلك أنه فى مجال التعليم المواكب للعصر فإن أسس المفاضلة فى الانتقال من مرحلة تعليمية لمرحلة أخرى يجب أن تقوم على مبدأ الجدارة والتفوق وليس على مبدأ الاقدمية فى سن الطلاب الذى يعتمد على التحاق الأكبر سناً وحرمان الأصغر سناً رغم أنه أكثر جدارة وتفوقاً , وهو معيار معوج لا يتفق مع المدارس العلمية الحديثة , وهو ما تغافلت عنه الجهة الادارية حينما أجبرت الطفلة على إعادتها للصف الأول الابتدائى رغم نجاحها فيه فى العام الدراسى السابق عليه مما أضاع على الطفلة عام دراسى كامل دون وجه حق , ولا يجوز معاقبتها لصغر سنها , ومما يتصادم مع المنطق القانونى السديد أنه أصبح للطفلة شهادتين للنجاح بالصف الأول الابتدائى فى عامين دراسيين متتاليين وهو ما يشكل قمة الشطط من وزارة التربية والتعليم فى حق الطفلة .