أمرت النيابة العامة بحبس المتهم/ سيد تونسي – بصفته موظفًا عموميًا – رئيس مجلس إدارة شركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا ورئيس مجلس أمناء جامعة ٦ أكتوبر اللتان يساهم المال العام بنصيب في رأسمالهما؛ بالاستيلاء على مستندات ملكية شركتي قناة السويس لتوطين التكنولوجيا، ومصر للتأمين التي تثبت حصتهما في رأسمال جامعة (٦ أكتوبر)، واستيلائه لنفسه وبدون حق على الحصتين المقدرتين بمبلغ أربعة مليارات جنيه بنية التملك، وقد ارتبطت تلك الجريمة بجريمة تزويره في ميزانية الجامعة لعام ٢٠١٦ بتخفيض رأسمالها من ٩٥٨ مليون جنيه إلى ٢٠ مليون جنيه، ونسبته ملكية الجامعة لنفسه منفردًا على خلاف الحقيقة.
وكانت قد بدأت الواقعة بتوصل تحريات الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة إلى استغلال المتهم لموقعه الوظيفي كرئيس لمجلس إدارة شركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا، ومجلس أمناء جامعة ٦ أكتوبر -المملوكة للشركة- خلال الفترة من عام ٢٠١٤ حتى ٢٠١٦، واستيلائه آنذاك دون وجه حق على أصول وممتلكات الجامعة وحقوقها المادية والفكرية التي تجاوز قيمتها أربعة مليارات جنيه، باختلاسه عقد تأسيس الجامعة ومستندات مساهمة الشركة المذكورة وشركة مصر للتأمين في رأسمالها، واستبدالها بمستندات أخرى مزورة أثبت فيها على خلاف الحقيقة انحصار ملكية الجامعة له منفردًا.
وأضافت التحريات تزوير المتهم خلال ذات الفترة أحد محاضر الجمعية العامة غير العادية لشركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا؛ حيث جعل قيمة مساهمة الشركة في رأسمال الجامعة قيمة مديونية مستحقة عليها للشركة، قاصدًا سلب تلك الحصة واستبعاد الشركة من مؤسسي الجامعة، كما زور في ميزانية الجامعة خلال عام ٢٠١٦ بتخفيض رأسمالها في بند حقوق المساهمين إلى مبلغ ٢٠ مليون جنيه فقط، مستبعدًا بذلك شركتي قناة السويس لتوطين التكنولوجيا ومصر للتأمين من مؤسسي الجامعة، ومستوليًا على أصولها منفردًا، بالحصول على الفارق بين القيمة الإسمية للجامعة والقيمة الفعلية لها المتجاوزة أربع مليارات جنيه.
وأكدت التحريات محاولة استيلاء المتهم على مبلغ ٢٠٩ مليون جنيه من أموال الجامعة بدعوى إنفاقها على تأسيسها عام ١٩٩٣ دون وجه حق، حيث اعتمد صرف هذا المبلغ خلال رئاسته مجلس أمناء الجامعة وأثبته كمديونية مستحقة له على الجامعة بميزانيتها لعام ٢٠١٥ و ٢٠١٦ على خلاف الحقيقة، ولكن التحقيقات قد أثبتت عدم استلامه المبلغ فعليًا، وقد جاءت تحريات هيئة الرقابة الإدارية مؤكدة ارتكاب المتهم تلك الجرائم.
هذا، وكانت قد انتقلت النيابة العامة لمقر الجامعة وفتشت مبناها الإداري وضبطت أصول ميزانيات الجامعة منذ عام ٢٠٠٢ وحتى عام ٢٠١٨ وعدد من محاضر مجلس أمناء الجامعة، وتبينت من الاطلاع على تلك المستندات ثبوت ملكية شركتي قناة السويس لتوطين التكنولوجيا ومصر للتأمين لرأس مال الجامعة وذلك في ميزانياتها حتى عام ٢٠١٥، وتبين من الاطلاع على ميزانية عام ٢٠١٦ تخفيض رأس مال الجامعة من مبلغ ٩٥٨ مليون جنيه حتى مبلغ ٢٠ مليون جنيه، وأُثبت بالإيضاحات المكملة لتلك الميزانية هذا التخفيض وأن جميع حصص التأسيس أصبحت مملوكة للمتهم بموجب عقد تأسيس محرر خلال عام ١٩٩٣ دون توضيح سبب التخفيض أو مصدر العقد أو كيفية اختفاء حصص مساهمة الشركتين السالف ذكرهما، وقد استمر إثبات تلك البيانات المخالفة للحقيقة في ميزانيتي عامي ٢٠١٧ و ٢٠١٨.
وتلقت النيابة العامة تقريرًا من اللجنة المشكلة من خبراء الكسب غير المشروع ثابت فيه صحة ارتكاب المتهم الجرائم المنسوبة إليه، وإضراره بأموال شركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا وهي شركة مساهمة تعد أموالها أموالًا عامة وشركة مصر للتأمين، كما أن إثبات رأسمال الجامعة مخفضًا عن الفعلي ونسبته بالكامل للمتهم قد جاء مخالفًا للأصول المحاسبية.
وأكد التقرير عدم صحة ما اعُتمد من مبالغ مالية للمتهم تحت مسمى مصاريف تأسيس الجامعة والمقدرة بمبلغ ٢٠٩ مليون جنيه، والذي انتهت التحقيقات لعدم صرف المتهم هذا المبلغ فعليًّا.
وشهد بالتحقيقات الممثلون القانونيون للمصرف المتحد، وشركة مصر للتأمين، ورئيس شركة الأهلي للاستثمارات،ورئيس مجلس إدارة شركة السويس لتوطين التكنولوجيا، ومراقب حسابات بها، في تحقيقات النيابة العامة بما يؤكد ما توصلت إليه التحريات في حق المتهم.
وبناء على كل ما تقدم، استجوبت النيابة العامة المتهم فأبدى دفوعه بشأن الاتهامات المنسوبة إليه، وقرر برغبته في التصالح مع شركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا والإقرار بملكيتها للجامعة وتمكينه من توثيق عقد إنهاء النزاع مع الجامعة وتحرير توكيل لمحاميه لاتخاذ الإجراءات اللازمة، فأمرت النيابة العامة بحبسه احتياطيًا على ذمة التحقيقات، وتمكينه من تحرير التوكيلات والإقرار المطلوب وانتقال موثق الشهر العقاري لمحبسه لاستكمال الإجراءات.
وفي السادس من ديسمبر الجاري مثل وكيل المتهم وقدم إقرارًا موثقًا بالشهر العقاري بالوكالة عن المتهم يقر فيه الأخير بعدم ملكيته لأي حصص في رأس مال الجامعة والتعهد بعدم منازعته شركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا مستقبلًا في مكليتها لها، وتنازله عن الأحكام الصادرة لصالحه، وأكد وكيل المتهم بالتحقيقات إيداع صورة من هذا الإقرار الموثق بملف الجامعة بأمانة الجامعة الخاصة بوزارة التعليم العالي، مقدمًا ما يفيد ذلك، وقد سألت النيابة العامة محامي شركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا فأكد تقدم المتهم بالإقرار الموثق المشار إليه وإيداعه بالشركة.
الأمر الذي تكون معه الأموال العامة التي أضر بها المتهم واستولى عليها قد تم صونها وردها بهذا التنازل والإقرار المقدم من المتهم، وعليه انتفت مبررات حبسه احتياطيًّا، فأمرت لذلك النيابة العامة بإخلاء سبيله، وجارٍ استكمال التحقيقات.