شارك الدكتور هاني سويلم وزير الموارد المائية والري في فعاليات الجلسة الحوارية التي نظمتها الغرفة التجارية الأمريكية بالقاهرة تحت عنوان “دور رائد للقطاع الخاص”، وذلك بحضور عدد من رؤساء وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية وخبراء المياه والمهتمين بالشأن المائي ورئيس وأعضاء الغرفة التجارية الأمريكية وعدد من الشركات العاملة في مجال المياه.
سويلم: معظم مساحة مصر عبارة عن صحراء بسبب قلة كميات الأمطار المتساقطة عليها
وفي كلمته، أشار الدكتور سويلم للمجهودات الكبيرة التي تبذلها مصر في مجال تحقيق الإدارة المثلى للموارد المائية، وإجراءات التعامل مع التحديات التي تواجه قطاع المياه في مصر، مع التأكيد على أهمية البحث العلمي في التعامل مع هذه التحديات، وأهمية تعزيز التعاون الإقليمي والدولي للتعامل مع هذه التحديات وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وخاصة الهدف السادس المعنى بالمياه.
وأشار الدكتور سويلم لما تواجهه مصر من تحديات مثل محدودية الموارد المائية والزيادة السكانية، مشيرا إلى أن معظم مساحة مصر هي عبارة عن صحراء بسبب قلة كميات الأمطار المتساقطة على مصر، كما تواجه مصر محدودية في الموارد المائية يقابلها احتياجات مائية تقدر بضعف الموارد المتاحة، وهو ما يدفع مصر لاستيراد منتجات غذائية بقيمة ١٠ مليارات دولار سنويا.
وتواجه مصر تحدى آخر والمتمثل في المياه الجوفية العميقة في الصحاري والتي تعد مياه جوفية غير متجددة وتقع على أعماق كبيرة مما يستلزم حفر آبار بأعماق كبيرة قد تصل إلى حوالي ١ كيلومتر بالإضافة للتكلفة العالية للطاقة المستخدمة في رفع هذه المياه.
وأشار لما تمثله التغيرات المناخية من تحدى إضافي يؤثر على مصر داخليا وخارجيا، سواء من خلال تأثير التغيرات المناخية على ارتفاع درجة الحرارة وما ينتج عنها من زيادة في الاستهلاك المائي، والتأثير غير المتوقع لتغير المناخ على منابع النيل، والتأثير على ارتفاع منسوب سطح البحر والذي يؤثر بدوره على المناطق الساحلية والتسبب في زيادة درجة ملوحة المياه الجوفية بشمال دلتا النيل، بالإضافة للسيول الومضية التي أصبحت أكثر تطرفا في كمياتها ومواقع حدوثها
وللتعامل مع هذه التحديات تتخذ مصر العديد من الإجراءات للتعامل مع تغير المناخ مثل مشروعات حماية الشواطئ المصرية، حيث تم تنفيذ أعمال حماية للشواطئ بأطوال إجمالية تصل إلى ١٤٤ كيلومتر، وجاري العمل في حماية أطوال أخرى تصل إلى ٥٠ كيلومتر بهدف تأمين الأفراد والمنشآت بالمناطق الساحلية، والعمل على إيقاف تراجع خط الشاطئ في المناطق التي تعاني من عوامل النحر الشديد، واسترداد الشواطئ التي فقدت بفعل النحر، الأمر الذي يسهم في زيادة الدخل السياحي بالمناطق التي تتم فيها أعمال الحماية، وحماية الأراضي الزراعية الواقعة خلف أعمال الحماية، والعمل على استقرار المناطق السياحية واكتساب مساحات جديدة للأغراض السياحية، وحماية بعض القرى والمناطق المنخفضة من مخاطر الغمر بمياه البحر، مثل مشروعات حماية شواطئ مدينة الإسكندرية لحماية قلعة قايتباي والمنتزة والكورنيش، ومشروعات حماية مدينة مرسى مطروح لحماية وتطوير خليج مدينة مرسي مطروح وحماية شاطئ الأبيض، وحماية منطقة السقالات بخليج أبى غير، وحماية المناطق الساحلية المنخفضة غرب مصب فرع رشيد بمحافظة البحيرة، وحماية المنطقة الساحلية شمال بركة غليون، وحماية المناطق المنخفضة من المدخل الغربي لمدينة جمصة حتى غرب مدينة المنصورة الجديدة، وحماية المنطقة شرق مصب مصرف وكتشنر.كما تقوم الوزارة بتنفيذ مشروع “تعزيز التكيف مع آثار التغيرات المناخية على السواحل الشمالية ودلتا نهر النيل” بإجمالي أطوال تصل إلى حوالي ٦٩ كم في خمس محافظات ساحلية هي (بورسعيد – دمياط – الدقهلية – كفر الشيخ – البحيرة)، والذي يتميز بتنفيذ تجارب رائدة في استخدام تقنيات قليلة التكلفة ومواد صديقة للبيئة من البيئة المحيطة بمنطقة المشروع في أعمال الحماية من خلال إنشاء عدد من الجسور الشاطئية لحماية المناطق المنخفضة، وإنشاء خطوط طولية لمصدات الرمال ثم عمل صفوف عمودية عليها، حيث تستخدم مصدات الرمال في تجميع الرمال وتقليل فقد الرمال بواسطة الرياح أثناء العواصف.
كما استعرض سيادته جهود الوزارة في مواجهة السيول والأمطار الغزيرة، مشيرا لقيام الوزارة بإنشاء ١٤٥٧ منشأ للحماية من أخطار السيول، والتي وفرت الحماية اللازمة من أخطار السيول للمواطنين وحماية مدن ومنشآت سياحية وقرى بدوية وتجمعات وطرق وخطوط اتصالات وغاز ومياه وكهرباء وأبراج كهرباء تقدر قيمتها بعشرات المليارات من الجنيهات، بالإضافة لحصاد مياه الأمطار والتي يمكن استخدامها من التجمعات البدوية في المناطق المحيطة لاستخدامات الشرب والرعي.
كما تقوم الوزارة من خلال غرف العمليات ومراكز الطوارئ التابعة لها والتي تعمل على مدار الساعة برصد ومتابعة حالة الأمطار والسيول التي تتعرض لها البلاد من خلال مركز التنبؤ بالفيضان التابع للوزارة، والذي يقوم برصد ومتابعة والتنبؤ بكميات ومواقع هطول الأمطار والسيول قبل حدوثها ب ٧٢ ساعة، وما يلي ذلك من إجراءات لتحذير كافة الجهات التنفيذية المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الأفراد والمنشآت من آثار الأمطار الغزيرة والسيول، حيث يتم تخفيض مناسيب المياه في الترع إلى أقصى انخفاض يسمح بتشغيل محطات الشرب لاستيعاب مياه الأمطار، مع ضمان تشغيل المحطات ووحدات الطوارئ وخطوط التغذية الكهربية لها، والوصول للمناسيب الآمنة بالترع والمصارف، والمرور على المخدرات لتأمين المواطنين والمدن والقرى والمنشآت والتأكد من جاهزيتها لاستقبال مياه الأمطار.
واستعرض مجهودات الوزارة في مجال تأهيل المنشآت المائية الكبرى مثل إنشاء قناطر أسيوط الجديدة ومحطتها الكهرومائية على مجرى نهر النيل الرئيسي، والبدء في تنفيذ مشروع إنشاء مجموعة قناطر ديروط الجديدة على ترعة الإبراهيمية والذي يهدف لتحسين أعمال الري في زمام ١.٦٠ مليون فدان في خمسة محافظات بالصعيد، ومشروع تدعيم قناطر زفتى الواقعة على فرع دمياط، وتدعيم ورفع كفاءة قنطرة كمجرة على الرياح التوفيقي، وتدعيم قنطرة وهويس فم المنصورية وقنطرة عمر بك، وتحديث أنظمة تشغيل بوابات هويس سد دمياط، وتدعيم وتحديث الهويس الشرقي بقناطر إسنا الجديدة الواقعة على نهر النيل، وغيرها من المشروعات الكبرى التي تقوم بها الوزارة بهدف تحديث وتأهيل وصيانة منشآت الري بمختلف محافظات الجمهورية.
تحديث المنظومة المائية في مصر
وأشار الدكتور سويلم لمجهودات الوزارة في مجال تحديث المنظومة المائية في مصر من خلال تنفيذ أعمال تأهيل الترع والمساقي لتحسين عملية توزيع المياه وتوصيل المياه لنهايات الترع، بالإضافة للتوسع في التحول لاستخدام نظم الري الحديث لزيادة الإنتاجية المحصولية وتحسين نوعية المحاصيل المنتجة ورفع إمكانات التصدير ورفع كفاءة الري الحقلية وزيادة العائد من وحدة المياه والأرض، مع إعطاء الأولوية لتنفيذ مشروعات الري الحديث بالأراضي الرملية والتي خالفت نظم الري الحديث وتروى بالغمر بالمخالفة، ومساحات الأراضي المنزرعة بقصب السكر والبساتين.
كما استعرض الدكتور سويلم مجهودات الدولة المصرية في مجال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي مثل مشروع محطة معالجة المياه بالحمام ومحطة معالجة المياه في بحر البقر ومشروع المحسمة بطاقة إجمالية ١٤.١٠ مليون م٣/ يوم.
وأشار الدكتور سويلم لضرورة العمل على رفع الكفاءة الكلية لاستخدام المياه، وتعظيم العائد من وحدة المياه، بالشكل الذي يحقق الإنتاج الكثيف للغذاء باستخدام نفس كمية المياه، وبما يسهم في تحقيق الأمن الغذائي.
كما أشار الدكتور سويلم لمجهودات مصر الناجحة خلال الفترة الماضية لوضع المياه في قلب العمل المناخي العالمي، حيث تم عقد أسبوع القاهرة الخامس للمياه في شهر أكتوبر الماضي تحت عنوان “المياه في قلب العمل المناخي”، كما تم تنظيم فعاليات متميزة للمياه ضمن مؤتمر المناخ الماضي COP27 حيث تم تنظيم جناح للمياه ويوم للمياه للمرة الأولى في مؤتمرات المناخ والذي تم خلاله إطلاق مبادرة دولية للتكيف بقطاع المياه، كما شاركت مصر بنجاح كبير في فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمياه والذي عقد في شهر مارس الماضي بنيويورك حيث أكدت مصر خلال المؤتمر على ضرورة إيلاء قطاع المياه الأولوية على المستوى العالمي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وخاصة الهدف السادس المعنى بالمياه.
كما سيتم عقد أسبوع القاهرة السادس للمياه في نهاية شهر أكتوبر المقبل تحت عنوان “العمل على التكيف في قطاع المياه من أجل الاستدامة”، وذلك قبيل عقد مؤتمر المناخ COP28 بدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث من المقرر أن يتم رفع نتائج وتوصيات أسبوع القاهرة السادس للمياه للعرض والمناقشة خلال فعاليات مؤتمر COP28، وتواصل مصر التنسيق حاليا مع دولة الإمارات العربية المتحدة (التي ستستضيف مؤتمر المناخ القادم) للتأكيد على ضرورة الاستمرار في إبراز الترابط القوى بين المياه والمناخ على المستوى العالمي.