قال فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن حجة الجمهور من العلماء على ما ذهبوا إليه على وقوع الطلاق بغير إشهاد، بأنه لم ينقل عن النبي محمد ولا أحد من أصحابه القول بأن الإشهاد شرط في الطلاق.
وأوضح “الطيب”، في برنامج “الإمام الطيب”، المذاع عبر قناة “سي بي سي”، اليوم الخميس، أن ذلك دليل على أن الأمر بالإشهاد في الطلاق لم يكن على سبيل الوجوب بل على سبيل الندب، لافتًا إلى جمهور العلماء استدلوا بأن الإشهاد على الطلاق، مثل الأمر بالإشهاد على البيع في قوله تعالى في سورة البقرة: (وأشهدوا إذا تبايعتم).
وأضاف أن فرقتين خالفتا جمهور أهل العلم في هذا الرأي؛ الأولى علماء الشيعة الجعفرية الذين ذهبوا إلى أن الإشهاد شرطً في صحة الطلاق، ويلزم ذلك أن من يطلق زوجته بدون إشهاد فطلاقه لاغٍ كان لم يكن حتى لو تكرر عشرات المرات.
وأكمل: “الفرقة الثانية، هي الفرقة الظاهرية التي ذهبت إلى أن الإشهاد واجب مأمور به في الآية الثانية من سورة الطلاق أمرًا على سبيل الوجوب في الطلاق والرجعة، بمعنى أن من يطلق بدون إشهاد آثم ومذنب.
آراء الآئمة في شروط الطلاق
وأكد أن ابن حزم – من كبار أئمة هذا المذهب – على أن المطلق بغير إشهاد وإن كان آثما إلا أن طلاقه صحيح ويقع، ويمثل ذلك بالصلاة في الأرض المغصوبة فإنها تقع صحيحة وإن كان صحابها قد ارتكب إثما بصلاته فيها، مستشهدًا بما قاله ابن حزم في كتابه (في مراتب الإجماع): “ولا نعلم خلافا في أن من طلق ولم يشهد أن الطلاق له لازم ولكن لسنا نقطع على أنه إجماع”.
وأشار إلى أن ابن تيمية جاء بعده وقطع بأن الإجماع منعقد على أن وجوب الإشهاد في الآية الثانية من سورة الطلاق، متوجه على الرجعة فقط ولا يتوجه على الطلاق في الآية الأولى، ويقول ابن تيمية في فتواها: “قد ظن بعض الناس أن الإشهاد هو على الطلاق وظن أن الطلاق الذي لا يُشهد عليه لا يقع، وهذا خلاف إجماع السلف وخلاف الكتاب والسنة، ولم يقل به أحد من العلماء المشهورين، فإن الطلاق أُذن فيه أولًا ولم يُؤمر فيه بالإشهاد، وإنما أمر بالإشهاد على الرجعة حين قال تعالى: (فإذا بلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف او فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم)”.
واختتم، شيخ الأزهر، قائلًا: “المراد بالمفارقة في الآية إخلاء سبيل الزوجة إذا مضت العدة وهذا ليس بطلاق أو برجعة، فعلم أن الإشهاد إنما هو للرجعة، هذا هو الرأي الذي اعتمده علماء أهل السنة في تلك المسألة وهو عدم اعتبار الاشهاد في وقوع الطلاق”.