شهد الصراع بين الجبش الروسي ومليشيات فاجنر تطورات جديدع بعد تمرد الاخيره علي روسيا
فقد صادق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم السبت، على قانون يسمح للسلطات الروسية باحتجاز أي شخص يخالف القوانين العرفية المعلنة في البلاد مدة 30 يوما.
وينص القانون على:
1. تغريم المواطنون بمبلغ يتراوح ما بين 500 روبيل – وألف روبل أو اعتقال إداري لمدة تصل إلى 30 يوما، إذا لم تتضمن المخالفات أية إجراءات تقتضي عقوبات جنائية.
2. تغريم المسؤولين الذين يرتكبون أية مخالفات بهذا الصدد بمبلغ مالي مالي يتراوح ما بين 1000 – 2000 روبل، أو الاعتقال الإداري مدة 30 يوما.
مع إشارة إلى أمكانية مصادرة المركبات المستخدمة في المخالفات المذكورة أعلاه.
أما فيما يتعلق بتنفيذ القانون، فسيتم توقيف الأشخاص الذين يرتكبون المخالفات الإدراية، بواسطة المسؤولين الحكوميين في الجهات التنفيذية الفيدرالية وفروعها الإقليمية، والسلطات التنفيذية لوحدات الاتحاد الروسي، والهيئات العسكرية المسؤولة عن ضمان تنفيذ الأحكام العرفية العسكرية.
وجاء قرار الرئيس بوتين ردا على حالة العصيان المسلح الذي أعلنته قوات فاجنر.
وفي وقت سابق اليوم، أكد جهاز الأمن الفيدرالي الروسي أن تصريحات وسلوك مؤسس شركة “فاغنر” العسكرية يفغيني بريغوجين، تمثل دعوة لنزاع أهلي مسلح وطعنة في ظهر الجنود الروس الذين يقاتلون القوات الموالية للفاشية.
وجاء في بيان مركز العلاقات العامة لهيئة الأمن الفيدرالية الروسية اليوم السبت: “إن تصريحات بريغوجين وأفعاله هي في الواقع دعوات لبدء نزاع أهلي مسلح على أراضي روسيا الاتحادية، وهي طعنة في ظهر الجنود الروس الذين يقاتلون القوات الأوكرانية الموالية للفاشية”.
كما أفادت وسائل إعلام محلية في مدينة بطرسبورغ الروسية، بضبط الشرطة شاحنة مغلقة معبأة بصناديق محشوة بمليارات الروبلات، مركونة قرب مكتب مؤسس “فاغنر” يفغيني بريغوجين في المدينة.
وحسب صحيفة “فانتانكا” المحلي، شوهدت الشاحنة قرب فندق Trezzini في المدينة عند الساعة 12:30 يوم 24 يونيو، وأن رجال الأمن ينقلون الصناديق من الشاحنة، ويرقنونها قبل تسليمها للقضاء.
وأضافت الصحيفة، أن الشاحنة كانت مركونة لمدة طويلة وأثارت الشبهات حولها وشكوك الأمن باحتمال تفخيخها، ليتبين لاحقا أنها معبأة بالأموال.
واعلنت وزارة الدفاع الروسية إن عددا كبيرا من مقاتلي “فاجنر”، أدركوا خطأهم وتوجهوا بطلب من القوات الروسية للحصول على المساعدة وضمان سلامتهم.
وأهابت وزارة الدفاع في بيان اليوم السبت، بمقاتلي “فاجنر”، عدم الانخراط في مغامرة إجرامية، وقالت إن “العديد من رفاقكم من عدة مفارز أدركوا خطأهم، وتوجهوا للقوات الروسية من أجل الحصول المساعدة في لضمان عودتهم بأمان إلى نقاط انتشارهم الدائمة، وقد تم توفير هذه المساعدة من جانبنا بالفعل لجميع المقاتلين والقادة الذين تقدموا بطلبات”.
كما حثت مقاتلي “فاغنر” إلى التعقل والتواصل مع ممثلي وزارة الدفاع أو وكالات إنفاذ القانون في أقرب وقت ممكن.
من هو قائد فاجنر ؟
سمح النزاع في أوكرانيا لقائد مجموعة فاغنر المسلحة يفغيني بريغوجين بفرض نفسه لاعبا أساسيا في روسيا، لكن بدعوته إلى التمرد ضد القيادة العسكرية تجاوز هذا الرجل المتهور الذي يصعب التنبؤ بتحركاته، خط اللاعودة.
اتهم الملياردير الحليق الرأس الجمعة الجيش الروسي بقصف معسكرات مجموعة فاغنر بطلب من وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الذي أقسم أن “يوقفه” بالقوة.
ويؤكد بريغوجين البالغ 62 عاما أن لديه “25 ألف” مقاتل يتبعون أوامره وقد دعا الجيش والمواطنين الروس إلى الانضمام إليه نافيا أن يكون أقدم على “انقلاب عسكري”.
ردا على ذلك، باشرت الأجهزة الأمنية الروسية النافذة جدا تحقيقا في حقه بتهمة “الدعوة إلى تمرد مسلح” وهي تهمة خطرة يمكن أن تدخله السجن لفترة طويلة.
لكن ما من شيء مضمون عندما يتعلق الأمر ببريغوجين المتمرس في فن الاستفزاز وتغيير المواقف.
تقول المحللة الروسية المستقلة تاتيانا ستانوفايا “يبقى معرفة ما سيحدث” معتبرة أن السلطات تسعى “ربما إلى إخراج بريغوجين من اللعبة بمشاركة نشطة من هذا الأخير”.
وتضيف “بالنسبة لجهاز الأمن الفدرالي وهيئة الأركان ما يحصل يناسبها تماما. على أقل تقدير، سيتعرض بريغوجين لضربة”.
سيد الاستفزاز
بدا أن النزاع في أوكرانيا وفر فرصة من ذهب لرجل الأعمال للخروج إلى دائرة الضوء بعدما عمل لسنوات في الظل، ليفرض نفسه لاعبا أساسيا في روسيا.
في أيار/مايو 2023 بعد معارك شرسة ودامية، وصل بريغوجين إلى القمة بإعلانه سيطرة فاغنر على باخموت في شرق اوكرانيا محتفيا بانتصار نادر للقوات الروسية على أرض المعركة.
لكن خلال هذه المعركة أيضا تفاقم التوتر مع هيئة أركان الجيش الروسي. فبريغوجين يتهم الهيئة بحرمان فاغنر من الذخائر ويكثر من اللقطات المصورة التي يشتم فيها القادة العسكريين الروس.
وهذا أمر لا يمكن تصوره من أي شخص آخر في روسيا التي تشهد قمعا شاملا.
بدأ بريغوجين يظهر إلى دائرة الضوء في أيلول/سبتمبر الماضي بالتزامن مع تكبد الجيش الروسي هزيمة تلو الأخرى في أوكرانيا ما شكل انتكاسة لقارعي طبول الحرب على غراره.
وأكد يومها للمرة الأولى علنا أنه أسس في 2014 مجموعة فاغنر المسلحة الناشطة في أوكرانيا وسوريا وإفريقيا كذلك. وفرض نفسه قائدا أساسيا.
وشدد على أن هؤلاء “الشباب، هؤلاء الأبطال دافعوا عن الشعب السوري وشعوب دول عربية أخرى وعن الفقراء الأفارقة والأميركيين اللاتينيين وأصبحوا إحدى ركائز وطننا”.
في تشرين الأول/أكتوبر ذهب أبعد من ذلك عندما دشن بحفاوة مقر “شركة فاغنر العسكرية الخاصة” في مبنى زجاجي في مدينة سان بطرسبرغ في شمال غرب روسيا.
ونشر بريغوجين سيد الاستفزاز في شباط/فبراير مقطعا مصورا يظهره في طائرة حربية يقترح على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تقرير مصير باخموت خلال منازلة جوية.
ملياردير
ولكي يبني جيشا على قدر طموحاته، راح بريغوجين المولود كما بوتين في سان بطرسبرغ، يجند آلاف السجناء ليقاتلوا في أوكرانيا في مقابل العفو عنهم.
ويعرف يفغيني بريغوجين أوساط السجون جيدا فقد أمضى تسع سنوات في السجن في الحقبة السوفياتية لارتكابه جرائم.
خرج من السجن العام 1990 عندما كان الاتحاد السوفياتي على شفير الانهيار وأسس شركة ناجحة لبيع النقانق.
وأرتقى السلم بعد ذلك وصولا إلى فتح مطعم فخم أصبح من أهم مطاعم سان بطرسبرغ، حين كان نجم بوتين يصعد.
بعد وصول فلاديمير بوتين إلى سدة الرئاسة في العام 2000 راحت مجموعة بريغوجين توفر خدمات طعام للكرملين فلقب ب “طاهي بوتين” وقيل إنه حقق المليارات بفضل عقود عامة.
ويبدو أنه استخدم هذه الأموال لتأسيس فاغنر وهو جيش خاص ضم في صفوفه أولا مقاتلين قدامى أصحاب خبرة من الجيش وأجهزة الاستخبارات الروسية.
في 2018، في حين كانت هذه المجموعة قد لفتت الانظار في اوكرانيا وسوريا وليبيا، بدأت تسري معلومات عن انتشارها في إفريقيا أيضا. وقد قتل ثلاثة صحافيين روس كانوا يجرون تحقيقا حول هذه المجموعة في جمهورية إفريقيا الوسطى.
ردود الفعل الغربيه علي التمرد
توالت ردود الفعل الدولية إزاء “التمرد المسلح” الذي أعلنه يفغيني بريغوجين، قائد مجموعة فاغنر ضد القيادة العسكرية الروسية بعد أن اتهمها الجمعة بقصف معسكرات لقواته في أوكرانيا، ما أدى إلى مقتل عدد “هائل” من عناصر مجموعته شبه العسكرية.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من الأوائل الذين تفاعلوا مع هذا الحادث إذ قال إن “التمرد المسلح الذي أطلقته مجموعة فاغنر دليل على ضعف روسيا وعدم الاستقرار السياسي فيها”.
وأضاف في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي “ضعف روسيا واضح. ضعف واسع النطاق. وكلما أبقت روسيا قواتها ومرتزقتها على أرضنا، واجهت المزيد من الفوضى والألم والمشكلات لاحقا”، مؤكدا في نفس الوقت أن “أوكرانيا قادرة على حماية أوروبا من انتشار الشر والفوضى الروسيين”.
مخاوف من حدوث مزيد من الاضطرابات
من جهتها، أكدت جورجيا ميلوني، رئيسة وزراء إيطاليا أن تمرد يفغيني بريغوجين رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة يظهر أن “غزو روسيا لأوكرانيا جاء بنتائج عكسية على الرئيس فلاديمير بوتين”.
فيما أشار مكتبها في بيان إلى أنها “تراقب عن كثب تطور الأحداث في روسيا والذي يظهر كيف أن العدوان على أوكرانيا يتسبب في زعزعة الاستقرار داخل روسيا الاتحادية”.
أما ألمانيا التي تربطها علاقات اقتصادية قوية بروسيا، فلقد دعت مواطنيها إلى “تجنب” السفر إلى مدينة روستوف والمناطق المحيطة بها إلى إشعار أخر “بسبب الأحداث التي تجري في هذه المدينة”.
كما حثت أيضا وزارة الخارجية الألمانية رعاياها المتواجدين في موسكو إلى “تجنب منشآت الدولة وخصوصا العسكرية فيها إضافة إلى وسط المدينة”.
أما الخارجية البريطانية، فلقد حذرت من حدوث اضطرابات في أنحاء روسيا قائلة “هناك تقارير عن توتر عسكري في منطقة روستوف وخطر حدوث مزيد من الاضطرابات في أنحاء البلاد. بالإضافة إلى ذلك هناك نقص في الخيارات المتاحة لرحلات الطيران للعودة إلى المملكة”.
فرنسا تركز على دعمها لأوكرانيا
كما دعا ريشي سوناك رئيس الوزراء البريطاني السبت جميع الأطراف في روسيا إلى حماية المدنيين بعدما سيطر يفغيني بريغوجين رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة على إحدى المدن الجنوبية.
وصرح لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” في مقابلة ستُذاع كاملة غدا الأحد “أهم شيء سأقوله هو أن تتحلى جميع الأطراف بالمسؤولية وأن تحمي المدنيين”.
وأضاف “نراقب عن كثب الموقف وكيفية تطوره على الأرض. نحن على اتصال مع حلفائنا وفي الواقع سأتحدث مع بعضهم في وقت لاحق اليوم”.
هذا، وتتابع الرئاسة الفرنسية “عن كثب التطورات الميدانية في روسيا”، فيما أشار الرئيس ماكرون إلى أن “تركيزنا لا يزال على دعم أوكرانيا”.
هل يرسل كاديروف مقاتلين لإلحاق الضرر لمجموعة فاغنر؟
في بولندا المجاورة لأوكرانيا والتي تدعمها بقوة، قال الرئيس أندريه دودا إنه أجرى مشاورات مع رئيس الوزراء ووزارة الدفاع حول الموقف في روسيا، مضيفا أن وارسو تراقب الموقف.
وكتب دودا على تويتر “فيما يتعلق بالموقف في روسيا، أجرينا هذ الصباح مشاورات مع رئيس الوزراء ووزارة الدفاع ومع الحلفاء أيضا”. وأضاف “نراقب مسار الأحداث خلف حدودنا الشرقية بصورة مستمرة”.
وإلى ذلك، ندد رمضان كاديروف رئيس الشيشان بـ”التمرد المسلح” الذي قام به رئيس مجموعة فاغنر وقال إنه “مستعد لإرسال مقاتلين إلى مدينة روستوف حيث تتواجد قوات مجموعة فاغنر” واصفا تصرف قائد فاغنر بـ”الطعنة في الظهر”.
وقالت رئيسة وزراء إستونيا كايا كالاس إن بلادها تعزز أمن حدودها وناشدت المواطنين عدم السفر إلى أي جزء من روسيا المجاورة. وقالت كالاس على تويتر “يمكنني التأكيد أنه ليس هناك أي تهديد مباشر لبلدنا”.
امريكا
بحث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الوضع في روسيا، مع نظرائه في دول مجموعة السبع، ومفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.
وأفاد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، بأن بلينكن بحث اليوم السبت التمرد المسلح الذي أعلنته مجموعة “فاغنر” العسكرية في روسيا، مع وزراء خارجية كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبريطانيا، ومفوض الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.
وأكد بلينكن أن الدعم الأمريكي لأوكرانيا لن يتغير أو يتأثر بسبب الأحداث في روسيا.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة ستواصل التنسيق مع حلفائها وشركائها ومتابعة التطورات في روسيا.