أكدت دار الإفتاء أنه من المقرَّر أنَّ الله عزَّ وجلَّ قد شرع العبادات من فرائض ونوافل لمقاصد كبرى، منها تقريبُ العباد إليه سبحانه وتعالى، وتهذيب النفس البشرية.
وأشارت إلي أنه لابدَّ للإنسان أن يستحضر تلك المقاصد والمعاني أثناء عبادته وتوجُّهه إلى ربه -جل وعلا-، ومن باب التيسير على الأفراد، وبخاصة المرضى وأصحاب الأعذار، نجد أنَّ الشريعة قد أجازت الإنابة في أداء بعض العبادات بشروطٍ معينة.
وإذا كنَّا نجد في بعض المذاهب الفقهية جواز الاستئجار على أداء بعض العبادات كالحج والعمرة، فإنَّ الفقهاء كانوا يتكلمون عن حالات فردية لم تتحول إلى ظاهرة، وكذلك لم تتحول إلى وظيفة أو تجارة للبعض يتربَّحون منها، ولم نجد على طول السنين الماضية من تفرَّغ لأداء هذه العبادات مقابل أجر، فضلًا عن أن يصبح وسيطًا (سمسارًا) بين الراغب في العمرة -مثلًا- وبين من سيؤديها عنه، فإن من الأمور اللازمة في الإنابة أن يختار الشخص الصالح الموثوق بأمانته، ولا يتساهل فيجعل عبادته بِيَد من لا يعرف حاله، وهذا لا يحصل بالطبع إذا كان التعامل عبر تطبيقات أو وسطاء كل شغلهم واهتمامهم تحقيق الربح، فهذا مما لا يليق مع شعائر الدين التي قال الله تعالى عنها في كتابه الكريم: {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32
وأضافت الدار عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” أن ما حدث من استهجان واستنكار من عموم الناس لمثل هذه الأفكار المستحدثة لهو دليل على وعي الجمهور ورفضهم لتحويل الشعائر والعبادات إلى وظيفة أو مهنة تؤدَّى بلا روح أو استحضار خشوع، هذا الوعي الجماهيري هو جدار الوقاية الأول للمجتمعات في مواجهة كل ما هو مُستنكَر وخارج عن المألوف.
وفي الساعات الأخيرة شهدت مواقع التواصل الاجتماعي والشارع المصري حالة من الجدل، كان بطلها صانع المحتوى الديني “أمير منير”، وذلك بعد ترويجه لتطبيق “العمرة بالبدل”، والذي يتيح للإنسان أن ينيب أحد القائمين على التطبيق بعمل عمرة له أو لأحد أسرتة.
وواصل “أمير” حملته الترويجية للأبليكيشن مشيرًا إلى أن التطبيق “يقدم عمرة عادية أو في رمضان أو عمرة سريعة تحدث في يوم، ويحدد التطبيق ثلاث فئات (مريض أو عاجز أو متوفى)، وتوكيل أحد من مكة”.
وأثارت تلك الدعوة حالة من الغضب بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي والذين اعتبروا هذا الأمر متاجرة بأسم الدين ومخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية ونوع من التلاعب بمشاعر الفقراء والمتسوقين لزيارة الأماكن المقدسة، كما خرجت العديد من التصريحات عن علماء الأزهر الشريف للتأكيد على عدم جواز هذه الدعوة ومخالفتها للأحكام الشرعية.