حالة من الجدل سادت الصحف العالمية والمواقع الإخبارية خلال الأيام الماضية بسبب جورج قرداحي وزير الإعلام في حكومة “ميقاتي” بلبنان، وبالرغم من صدور هذه التصريحات التي أججت الأزمة بين لبنان من جانب وعدة دول عربية “السعودية – الإمارات – الكويت – البحرين – قطر”، إلا أنها تسببت في اشتعال أزمة لبنانية خليجية كبرى، ربما تجلب الويلات على لبنان خلال الأيام القادمة.
«قرداحي»: “الحوثيين في اليمن يدافعون عن أنفسهم أمام عدوان خارجي”
بداية الأزمة عندما حل الإعلامي اللبناني الشهير جورج قرداحي، ضيفا في برنامج “برلمان الشباب”، قبل توليه منصبه في حكومة بلاده، عندما صرح أن جماعة الحوثيين في اليمن يدافعون عن أنفسهم أمام عدوان خارجي، موضحا عندما سئل عن ما إذا كان يعتقد أن ما تفعله السعودية والإمارات هو اعتداء على اليمن “أن هناك اعتداء بالتأكيد وإن الحرب في اليمن حرب عبثية يجب أن تتوقف”.
وبالرغم من مرور عدة أشهر على هذه التصريحات النارية وتغير الكثير من الأوضاع والمستجدات على الساحة العربية، إلا أنها تسببت في تكبيد مقدم “من سيربح المليون” ملايين الخسائر بين جمهوره ومتابعيه، وتسببت في حرج بالغٍ لبلاده إزاء العديد من الدول العربية، التي تدع تصريحاته تمر مرور الكرام.
أزمة دبلوماسية بين لبنان ودول الخليج
الرياض تجمد العلاقات مع بيروت بسبب وزير الإعلام اللبناني
استدعت وزارة الخارجية السعودية السفير اللبناني في الرياض وسلمته مذكرة احتجاج رسمية على تصريحات قرداحي، التي وصفتها بالمسيئة تجاه المملكة ودول “تحالف دعم الشرعية في اليمن”.
وجاء في المذكرة إن تصريحات قرداحي قد تترتب عنها تبعات على العلاقة بين البلدين، كما أنها أمهلت السفير اللبناني في السعودية 48 ساعة لمغادرة البلاد.
وكان مجلس التعاون الخليجي قد رفض تصريحات قرداحي “جملة وتفصيلا” وقال إنها “تعكس فهماً قاصراً وقراءة سطحية للأحداث”، وطالب المجلس الدولة اللبنانية بتوضيح موقفها.
الإمارات تسحب دبلوماسييها لدى بيروت اعتراضا على تصريحات «قرداحي»
وأعلنت الامارات، أمس السبت، أنها سحبت دبلوماسييها لدى بيروت، كما أصدرت قرارا بمنع مواطنيها من السفر إلى لبنان، واستدعت الكويت، أمس، سفيرها من لبنان، وطلبت من القائم بالأعمال اللبناني لديها مغادرة أراضيها خلال 48 ساعة، كما طلبت وزارة الخارجية البحرينية، أمس الجمعة، من السفير اللبناني في المنامة مغادرة المملكة خلال 48 ساعة.
الكويت تستدعي سفيرها من بيروت وتطلب مغادرة القائم بأعمال سفارة لبنان البلاد
وأعلنت وزارة الخارجية الكويتية أمس السبت، أن الكويت قررت استدعاء سفيرها لدى الجمهورية اللبنانية للتشاور، ومغادرة القائم بأعمال سفارة لبنان لدى الكويت خلال 48 ساعة.
وقالت على حسابها في تويتر إن هذا الإجراء جاء نظراً لإمعان الجمهورية اللبنانية واستمرارها في التصريحات السلبية وعدم معالجة المواقف المرفوضة والمستهجنة ضد المملكة العربية السعودية وباقي دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى عدم اتخاذ حكومة لبنان الإجراءات الكفيلة لردع عمليات التهريب المستمرة والمتزايدة لآفة المخدرات إلى الكويت وباقي دول مجلس التعاون.
كما أضافت أن الكويت تأسف لما آلت إليه الأمور، وتؤكد حرصها على اللبنانيين المقيمين في الدولة وعدم المساس بهم.
البحرين تطلب من سفير بيروت مغادرة أراضيها
قالت وكالة أنباء البحرين إن وزارة الخارجية البحرينية طلبت من السفير اللبناني مغادرة البلاد خلال 48 ساعة، على خلفية سلسلة التصريحات والمواقف “المرفوضة والمسيئة” التي صدرت عن مسؤولين لبنانيين في الآونة الأخيرة، حسب تعبير الوكالة.
قطر تدعو لبنان إلى اتخاذ موقف عاجل مع “قرداحي”
أدانت وزارة الخارجية القطرية، أمس السبت، تصريحات وزير الإعلام اللبناني، جورج قرداحي، بشأن الحرب في اليمن.
ونشرت الوزارة تغريدة جديدة لها على حسابها الرسمي على “تويتر”، مساء أمس السبت، اعتبرت تصريحات قرداحي بمثابة “موقف غير مسؤول تجاه القضايا العربية”، معربة عن اندهاشها الشديد واستنكارها لتلك التصريحات الصادرة عن وزير الإعلام اللبناني.
ودعت الخارجية القطرية، الحكومة اللبنانية، إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن تصريحات جورج قرداحي، وبشكل عاجل وحاسم، من أجل تهدئة الأوضاع وللمسارعة في رأب الصدع بين الأشقاء.
وزير الإعلام اللبناني يضع بلاده في موقف محرج مع دول الخليج
أعلن الرئيس اللبناني ميشال عون أن تصريحات وزير الإعلام في حكومة نجيب ميقاتي لا تمثل الدولة اللبنانية، وتحدث وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بوحبيب، أمس السبت، عن استقالة وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، مؤكدا أنه “قرار يملكه وحده”.
وأعرب بوحبيب، في تصريحات مع “قناة الميادين”، عن أملة في الخروج من الأزمة الراهنة، مؤكدا أن “هناك حلول تتبلور وستظهر نتائجها قريباً”.
وبشأن تحرك القائم بالأعمال الأمريكي في لبنان لإنهاء الأزمة مع دول الخليج، قال وزير الخارجية اللبناني إن التحرك جاء بعد تواصل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع الجانب الأمريكي”، مؤكدا أن القائم بالأعمال الأمريكي في بيروت لم يحمل أي اقتراحات للجانب اللبناني.
جورج قرداحي يرفض الاعتذار ويصعد تداعيات الأزمة اللبنانية الخليجية
وبرغم كل هذه الأزمات التي تسبب فيها وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي لبلاده، إلا أنه رفض الاعتذار لدول التحالف العربي لدعم الشرعية باليمن، بعد تصريحات انحاز فيها لمليشيات الحوثي، قائلا إنه لم يخطئ ليعتذر.
وبشأن دعوات الاستقالة التي ضجّ بها لبنان، قال قرداحي: “أنا جزء من حكومة متراصة وموحدة وهكذا قرار لا يمكن أن أتخذه لوحدي”.
ومضى الوزير اللبناني قائلا: “لا يجوز أن يكون هناك من يُملي علينا ما يجب القيام به من بقاء وزير في الحكومة من عدمه”.
وبشأن تصريحاته “المسيئة” للسعودية والإمارات، والحكومة اليمنية، قال قرداحي: “ما قلته عن حرب اليمن لم أكن طرفاً فيه بل قلته كصديق، فأنا ضدّ الحرب العربية-العربية، وأنا لم أهاجم ولم أشتم يوماً السعودية والإمارات أعتبرها بلدي الثاني”، حسب قوله.
وأضاف الوزير اللبناني: “ما قلته بدافع الصداقة ولا أعادي السعودية”، زاعما أنه “اختلف مع السعوديين سابقا وخسر عمله في أم بي سي بسبب ذلك”.
وأردف: “تعليقاتي حول السعودية واليمن لا تعكس وجهات نظر الحكومة”، متابعا في هذا الصدد: “البرنامج مع “الجزيرة أونلاين” تمّ تسجيله قبل عدة أسابيع من تعييني وزيراً للإعلام وما قلته في المقابلة لا يلزم الحكومة بشيء لأنني آنذاك لم أكن عضوا فيها”.
ودافع الوزير والإعلامي اللبناني في الحلقة المذكورة عن إرهاب مليشيات الحوثي، معتبرا اعتداءاتهم على اليمنيّين والسعودية “دفاعا عن النفس”.
«الحوثي» تكافئ «قرداحي» بإطلاق اسمه على أحد شوارع صنعاء وتصف تصريحاته بالشجاعة الحرة
أشاد مجلس الشورى الذي يتخذ من العاصمة اليمنية صنعاء مقرا له ويخضع لسيطرة جماعة الحوثيين بالتصريحات المدوية والمثيرة للجدل التي جاءت على لسان وزير الإعلام اللبناني، جورج قرداحي.
ونقلت وكالة “سبأ” اليمنية المدارة من قبل الحوثيين اليوم الجمعة عن هيئة رئاسة مجلس الشورى ترحيبها في بيان لها بـ”الموقف الشجاع والحر” لوزير الإعلام اللبناني إزاء النزاع اليمني، مشيرة إلى أن تصريحاته “نابعة من إنسانيته وغيرته العربية على الشعب اليمني المظلوم”.
وذكرت هيئة رئاسة مجلس الشورى الحوثي أن تصريحات الوزير اللبناني “لا تمثل أي إساءة لأحد كما يحاول المأزومون والمنظوون في صف العدوان الترويج له”، مستنكرة “الهجمة المنظمة التي تشنها وسائل الإعلام الموالية للعدوان الأمريكي-السعودي على الإعلامي الكبير جورج قرداحي، على خلفية موقفه الرافض لاستمرار الحرب الظالمة على الشعب اليمني”.
كما أفادت وكالة “أ ف ب” نقلا عن تجار في شارع “الرياض” التجاري في العاصمة اليمنية صنعاء، بأن جماعة “أنصار الله” الحوثية قررت إعادة تسمية الشارع باسم وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي.
هل يعود جورج قرداحه لسابق عهده بعد عثرته التي تهدد بقائه في منصبه؟
وقدم الإعلامي اللبناني الشهير جورج قرداحي العديد من البرامج التي لاقت قبولا واسعا في الشارع العربي، أشهرها “من سيربح المليون”، “المسامح كريم”، و”الأبواب المغلقة”، وبعد الأزمة الأخيرة التي حلت عليه يجد “قرداحي” نفسه محاصرا بالعديد من الأزمات المتلاحقة، والتي زادت حدتها مؤخرا بسبب عناده وكبريائه ورفضه التخلي عن أفكاره أو مجرد التفكير في الاعتذار عما بدر منه قبل توليه المنصب الذي لم يهنأ به، وبات عزله منه ربما يكون وشيكا، وأصبح السؤال حاليا: هل سيكون الشارع الخليجي مسامحا كريما مع صاحب “المسامح كريم”، أم أن للسياسة العربية رأي آخر؟، هذا ما ستكشف عنه الأيام القريبة القادمة.