بات ضروريا فى ظل عدم كفاية التشريعات القائمة لمواجهة الثورة الرقمية وتطورها، مراجعة الأسس والقواعد التي تقوم عليها فكرة الحق وحمايته فى العصر الرقمي، فالعالم أضحى اليوم يعيش فى ثورة رقمية طارحة لصور جديدة للحق محل الحماية القانونية، ولم تعد فكرة صاحب الحق مرتبطة بالضرورة بفكرة الأنسنه أو الوجود الواقعي، لتتحرر هذه الشخصية من نطاقها الإنساني وليتسع هذا الأخير إلى النطاق الرقمي، ولعل ما يدعوا إلى الإنزعاج أن المشرع أصبح عاجزاً عن توقع حدوث هذا التحول الرقمي السريع ومن ثم وضع التكيف القانوني له، فالواقع الرقمي أضحى له الغلبة على الواقع القانوني الأمر الذي ترتب عليه عدم وجود معالجة قانونية لهذا الواقع الرقمي.
وفى ذات السياق يبقي الحديث قائماً عن العديد من الحالات القانونية التي ستواجه الشخصية الإنسانية فى العالم الرقمي، لا سيما فيما يتعلق بالموت الرقمي من جهة، والإرث الرقمي من جهة أخرى.
وحيث أنه عن الموت الرقمي، نجد أن الوجود المتزايد للشخصية الإنسانية من العالم الرقمي جعل لها إضافة لوجودها الفيزيائي التقليدي وجوداً رقمياً لا يقل أهمية عن وجودها الفيزيائي، لا سيما فيما يتعلق بمواقع التواصل الاجتماعي التي تعج بالآلاف من الحسابات الرقمية، والتي تشير كل منها لشخصية إنسانية قائمة بذاتها، والحقيقة إن الحياة الرقمية بمختلف صورها طالما أنها مضمونه بحياة إنسانية قائمة لا تثير أي تحفظ قانوني، ذلك أن القوانين الموضوعية القائمة تستطيع أن توفر لها الحماية القانونية اللازمة، إلا أن المشكلة تبرز حال انفصال الشخصية الرقمية عن الشخصية الإنسانية نتيجة الموت الفعلي لهذه الأخيرة، فإنعدام الشخصية الإنسانية ينتهي بالموت الفعلي، وهذا لا ينطبق فى إطار الشخصية الرقمية، من هنا بات ضرورياً وضع ضوابط قانونية حاكمة لفكرة الموت الرقمي.
وفى ذات السياق أيضاً تثور بعض المشكلات القانونية المرتبطة بالإرث الرقمي والوصية الرقمية وهذه قد تكون موضوع مقال آخر نتناوله فيما بعد.
وفى النهاية »يبقي التأكيد دائماً وأبدًا على أن الأدوات التشريعية هي أحد أهم الركائز الأساسية التي تقوم عليها النهضة الشاملة فى جميع المناحي الحياتية«.