استعرضت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، نتائج البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، الذي نفذته الحكومة، بالتنسيق مع الشركاء الدوليين، مرتكزًا على ثلاثة محاور رئيسية هي: تعزيز صمود الاقتصاد الكلي، وتعزيز قدرة التنافسية الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال، ودعم التنوع الاقتصادي والتحول الأخضر، وذلك من أجل ترسيخ استقرار الاقتصاد الكلي وتحفيز دور القطاع الخاص كشريك أساسي في دفع عجلة التنمية الاقتصادية ودعم الانتقال الأخضر، بما يفتح آفاقاً مستقبلية لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
وأكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية هو نتاج جهد وعمل من العديد من الجهات الوطنية، بهدف اتخاذ السياسات والتدابير التي تستهدف تنويع هيكل الاقتصاد المصري، وإفساح المجال للقطاع الخاص، وذلك في إطار توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، للحكومة الجديدة بضرورة الاستمرار في مسار الإصلاح الاقتصادي على جميع الأصعدة، حيث قامت الوزارة بالتنسيق مع 15 وزارة وجهة وطنية وتم تنفيذ 38 إصلاحًا هيكليًا في العديد من القطاعات الاقتصادية.
وتابعت الوزيرة أن ما نفذته الدولة من إصلاحات هيكلية على مدار الفترة الماضية، يتكامل مع ما أعلنته في وقت سابق على مستوى الحوافز الضريبية والاستثمارية، وهو ما يؤكد أن الدولة تمضي في طريقها نحو إفساح المجال للقطاع الخاص، والعمل على تحقيق نمو اقتصادي يقوده بشكل أساسي الاستثمار المحلي والأجنبي، وتنفيذ أهداف وثيقة سياسة ملكية الدولة.
وعرضت الوزيرة بعض الإصلاحات الهيكلية التي تم تنفيذها ضمن المحور الأول المتعلق بتعزيز صمود الاقتصاد الكلي، موضحة أنه تم استصدار قرار المتعاملين الرئيسيين بما يشمل القواعد والحوافز لتحسين التنافسية، والشفافية وتعزيز الأسواق الثانوية، وتنشيط سوق الأوراق المالية الحكومية، وتخفيض عبء خدمة الدين من خلال إقرار حزمة من الحوافز لهؤلاء المتعاملين؛ بما يُساعد في تعزيز السيولة بالسوق الثانوية.
وأوضحت الوزيرة أن الحكومة قامت بإحالة التعديلات الخاصة بقانون المالية الموحد للبرلمان لتحسين التقارير المالية، وذلك بتضمين الهيئات الاقتصادية في تعريف الحكومة، بما يُعزز شفافية وشمولية التقارير المالية، من خلال تحديث قانون المالية العامة الموحد، لتعكس ليس فقط ميزانية الدولة، ولكن أيضًا أنشطة الهيئات الاقتصادية بداية من العام المالي 2024/2025.
وأشارت الدكتورة رانيا المشاط، إلى أنه تم تفعيل تعديل قانون المالية العامة لتحديد سقف سنوي لديون الحكومة العامة بما في ذلك السلطات الاقتصادية الـ ٥٩ من خلال إنشاء وحدة مخصصة في وزارة المالية، وذلك لأول مرة، لتحسين إدارة الديون الحكومية العامة من خلال تحديد سقف سنوي للديون، وتأسيس وحدات متخصصة في وزارة المالية وفي جميع الهيئات الاقتصادية بما يعزز من القدرة على المحاسبة والشفافية المالية.
وذكرت أنه من بين تلك الإجراءات، قيام وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إعداد وثيقة إرشادية للتعميم على الوزارات التنفيذية لتحديد المعايير الجديدة لتقييم مشروعات الاستثمار العام، بهدف تحسين كفاءة تخصيص الاستثمارات العامة من خلال وضع معايير واضحة لتقييم المشروعات، ورفع كفاءة الإنفاق الاستثماري.
من جانب آخر، أشارت الوزيرة إلى أنه تم تعزيز شبكة الامان الاجتماعي لحماية الفئات الأقل دخلًا، من خلال زيادة الأسر المستفيدة من برنامج تكافل وكرامة للتحويلات النقدية، والذي يأتي في إطار جهود الدولة لضمان وصول الدعم لمستحقيه من الأسر الأولى بالرعاية، وكذلك إطلاق المنصة الإلكترونية “مهني ٢٠٣٠” وإعداد استراتيجية تواصل وتوعية للمستخدمين، لتحسين مهارات الشباب وتسهيل الانضمام للقطاع الرسمي، وتعزيز فرص التشغيل.
وفيما يتعلق بالمحور الثاني المتعلق بتعزيز قدرة التنافسية الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال، أشارت الدكتورة رانيا المشاط إلى أنه تم تنفيذ العديد من الإصلاحات الهيكلية، من بينها إنشاء قاعدة بيانات موحدة (تديرها وحدة حصر ومتابعة الشركات المملوكة للدولة) لتحسين إدارة الشركات المملوكة للدولة من خلال جمع وتحليل المعلومات المالية وتفاصيل الملكية، مما يعزز من الشفافية والكفاءة، وكذلك تحسين البيئة الاستثمارية من خلال إصدار قرار رئيس مجلس الوزراء بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار رقم 2017/72 وتبسيط الإجراءات وتسهيل إصدار/تنفيذ الرخصة الذهبية، وكذلك إطلاق المنصة الإلكترونية المتكاملة لتقديم طلبات الحصول على الرخصة الذهبية باللغتين الإنجليزية والعربية.
وفي إطار جهود الدولة لتعزيز التنافسية، لفتت الوزيرة إلى أنه تم إصدار قرار بإلغاء الإعفاءات من الضرائب والرسم للمؤسسات المملوكة للدولة ذات الأنشطة الاستثمارية، كجزء من تطبيق وثيقة سياسة ملكية الدولة، لتحقيق المساواة بين القطاع الخاص والحكومي، كما أصدر رئيس مجلس الوزراء قرارًا بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية رقم 2022/175 ، بهدف تعريف التركز الاقتصادي، وحظر التركز الاقتصادي إذا كان من شأنه الحد من حرية المنافسة أو تقييدها او الإضرار بها، وكذا دورُ جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في تقييم آثار التركز الاقتصادي على حُرية المنافسة في السوق.
وعن المحور الثالث، الخاص بالتنوع الاقتصادي والتحول الأخضر، أوضحت الوزيرة أنه تم تنفيذ العديد من الإجراءات، من بينها اعتماد الاستراتيجية المعدلة للطاقة المستدامة، بهدف دعم التحول نحو الطاقة المستدامة والمتجددة في مصر، من خلال وضع استراتيجية معدلة وشاملة، وإصدار اللوائح الخاصة بإصدار شهادات منشأ الطاقة لدعم إطار العمل الخاص بالقطاع الخاص، بهدف تعزيز الشفافية والمصداقية في قطاع الطاقة من خلال إصدار شهادات منشأ الطاقة، وإصدار ثلاثة قرارات بشأن أسواق الكربون المحلية: (١) متطلبات هيئات التحقق والمصادقة المعتمدة من قبل هيئة الرقابة المالية لكل من الهيئات الدولية والمحلية، (٢) متطلبات سجلات ائتمان الكربون الطوعية المحلية المعتمدة من قبل هيئة تنظيم الكربون، (٣) قواعد الإدراج والإلغاء الائتمانات الكربون الطوعية.
كما تطرقت الوزيرة إلى القرار رقم ٤١٥ لعام ٢٠٢٣ بشأن نظام الرصد والإبلاغ والتحقق الوطني (MRV) وذلك بما يسمح بوجود قاعدة بيانات حول انبعاثات الغازات الضارة، ومتابعة التقدم بشأن سوق الكربون، حيث يتماشى نظام MRV مع الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ ويعزز الشفافية والمسائلة وفقًا للمعايير الدولية مثل اتفاقية باريس، وتخصيص ٢٦ ألف كيلومتر مربع من الأراضي المملوكة للدولة لاستثمارات الطاقة المتجددة، لدعم التحول الأخضر من خلال تعزيز الطاقة المتجددة الخضراء والحد من الانبعاثات الكربونية حيث ستستضيف تلك الأراضي محطات للطاقة الشمسية وطاقة الرياح بطاقة تصل إلى ١٣٠ ألف ميجاوات بالتعاون مع القطاع الخاص: وذلك بمناطق غرب أسوان وغرب سوهاج وغرب ضفة النيل.
وذكرت الدكتورة رانيا المشاط أنه فيما يتعلق ببرامج تمويل سياسات التنمية، عكفت الوزارة على تعزيز التنسيق بين الشركاء الدوليين، ممثلين في مجموعة البنك الدولي، والاتحاد الأوروبي، والبنك الأفريقي للتنمية، والمملكة المتحدة، والجانبين الكوري والياباني، من أجل تعزيز جهود الإصلاح الهيكلي ودعم عجز الموازنة، فضلًا عن التنسيق مع 14 جهة وطنية لتنفيذ مصفوفة متكاملة من الإصلاحات الهيكلية الداعمة للاقتصاد المصري.
وأوضحت أن الوزارة استقبلت مؤخرًا بعثة المفوضية الأوروبية التي زارت مصر، في إطار الانتهاء من المرحلة الأولى من آلية مساندة الاقتصاد الكلي ودعم عجز الموازنة MFA، التي تم توقيعها في المؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي خلال يونيو الماضي، حيث تم الانتهاء من المرحلة الأولى وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية بما يدعم تدفقات النقد الأجنبي للاقتصاد المصري.
وكشفت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، عن التنسيق مع مجموعة البنك الدولي، لإدراج مصر في المرحلة الثالثة من تقرير جاهزية بيئة الأعمال Business-Ready، في عام 2026، والذي يحل محل تقرير “ممارسة الأعمال”، حيث يعتمد التقرير على تقييم مناخ الأعمال، من خلال مجموعة شاملة من البيانات باستخدام 1200 مؤشر لكل اقتصاد، من أجل تحديد المجالات التي تحتاج إلى تطوير وتحفيز الإصلاحات، وتوفير رؤية مستفيضة حول نمو القطاع الخاص، وهو ما يتماشى بالفعل مع أجندة الحكومة المصرية لإفساح المجال للقطاع الخاص، وزيادة مساهمته في الأنشطة الاقتصادية، وخلال الفترة المُقبلة سيتم تنظيم ورشة عمل مع مختلف الوزارات والهيئات للتعرف على منهجية إعداد التقرير وعملية جمع البيانات والجدول الزمني.
في سياق متصل، تطرقت الدكتورة رانيا المشاط إلى جهود الوزارة، لتنفيذ البرنامج القطري مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، والذي يهدف إلى الاستفادة من خبرات المنظمة في صياغة السياسات التي تدعم الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية وتعزيز جهود تحقيق التنمية المستدامة والمتوازنة، مشيرة إلى أن البرنامج يمتد على مدار ثلاثة أعوام، ويسعى إلى مساعدة الحكومة المصرية على تطبيق الإصلاحات وفق المعايير الدولية، مما يعزز من جاذبية السياسات الإصلاحية لدى المستثمرين والمجتمع الدولي.
وقالت: إن البرنامج يتضمن 35 مشروعًا يجري تنفيذها بالشراكة مع 20 جهة وطنية، من بينها مشروع مراجعة أداء الاقتصاد المصري، ومشروع مراجعة بيئة الاستثمار وديناميكية الأعمال، ومشروع ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز قدرة مصر علي قياس التحول الرقمي، وتعزيز تعبئة الموارد المحلية من خلال تحسين نظم الضرائب ونظام تبادل المعلومات، وغيرها من المشروعات التي تنعكس على تعزيز السياسات القائمة على الأدلة، ودفع الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية.
ونوهت الوزيرة إلى أن البرنامج أسفر عن إصدار تقرير”OECD Economic Surveys – Egypt” وهو تقرير شامل عن الاقتصاد المصري وأبرز التحديات التي تواجهه والتوصيات المتعلقة بمواجهة تلك التحديات وتحسين تصميم السياسات الاقتصادية لتعزيز أداء الاقتصاد الكلي.