في تحليل استراتيجي عميق نشرته مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية، كشفت خبيرة السياسة الدولية ألينا بولياكوفا، رئيسة مركز تحليل السياسات الأوروبية، عن تفاصيل استراتيجية جريئة يعتزم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب تطبيقها لإجبار روسيا على إنهاء حربها في أوكرانيا.
موسكو تتحدى واشنطن
يأتي الكشف عن هذه الاستراتيجية في وقت حساس، حيث عين ترامب الجنرال المتقاعد كيث كيلوج مبعوثاً خاصاً لأوكرانيا وروسيا، إلا أن رد الفعل الروسي جاء سريعاً وحاداً، إذ صرح رجل الأعمال الروسي المقرب من الكرملين، قسطنطين مالوفييف، في حديث لصحيفة فايننشال تايمز قائلاً: “سيأتي كيلوج إلى موسكو بخطته، وسنأخذها ثم نخبره أن يذهب بها بعيداً، لأننا لا نحب أياً من مقترحاته”، هذا التصريح الصادم يعكس موقف الكرملين المتصلب، حيث يرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده في موقع قوة ولا حاجة للتفاوض.
استراتيجية الضغط الأقصى
تقترح بولياكوفا استخدام استراتيجية “الضغط الأقصى”، وهي نفس السياسة التي طبقها ترامب بنجاح ضد إيران خلال فترة رئاسته الأولى.
وتشرح الخبيرة أن هذه الاستراتيجية نجحت في تحويل الفائض التجاري الإيراني البالغ 6.1 مليار دولار في 2019 إلى عجز بقيمة 3.5 مليار دولار في 2020، في حين ترى أن روسيا، رغم كونها أكبر وأقوى من إيران، تعاني حالياً من نقاط ضعف كبيرة يمكن استغلالها.
الاقتصاد الروسي على حافة الانهيار
تكشف بولياكوفا عن مؤشرات خطيرة تدل على تدهور الاقتصاد الروسي، فالبنك المركزي الروسي اضطر لرفع أسعار الفائدة إلى أكثر من 20% لمواجهة التضخم المتصاعد وانهيار قيمة الروبل، كما تراجعت توقعات النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5% و1.5% في 2025، مقارنة بـ 3.6% في 2024، ويرجع هذا التدهور إلى الإنفاق العسكري الهائل على الحرب، والذي أدى إلى تقليص الإنفاق على الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم.
خطة العمل المقترحة
تطرح بولياكوفا خطة شاملة تبدأ بتشديد العقوبات المالية لتشمل جميع البنوك الروسية وقطع وصولها إلى النظام المالي العالمي.
وتقترح أيضاً استهداف صادرات النفط والغاز الروسية، وهي المصدر الرئيسي لتمويل الحرب، من خلال إقناع أوروبا بالتوقف عن شراء الطاقة الروسية والاعتماد بدلاً من ذلك على الغاز الطبيعي المسال الأمريكي.
كما تدعو إلى تزويد أوكرانيا بأنظمة دفاع جوي متطورة وصواريخ بعيدة المدى مثل “باتريوت” و”هيمارس”، مع دعم المقترح الفرنسي البولندي لإرسال قوة حفظ سلام أوروبية إلى أوكرانيا.
رؤية مستقبلية
تختتم بولياكوفا تحليلها بالتأكيد على أن نجاح هذه الاستراتيجية سيتطلب التزاماً طويل الأمد من الإدارة الأمريكية الجديدة، مشددة على أن تحقيق السلام في أوكرانيا يجب أن يكون بشروط تضمن عدم مكافأة العدوان الروسي، مع ترك قضية انضمام أوكرانيا لحلف الناتو للمناقشة في وقت لاحق.
وترى أن نجاح هذه الخطة سيتجاوز تأثيره حدود أوكرانيا، إذ سيرسل رسالة قوية للصين وإيران وكوريا الشمالية مفادها أن الولايات المتحدة عادت لقيادة النظام العالمي.