استضافت القاعة الرئيسية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56 لقاء مفتوحًا مع مفتي الجمهورية الدكتور نظير عياد، حيث دار الحوار حول “الفتاوى والعالم الرقمي”.
أدار اللقاء الدكتور محمود عبد الرحمن الذي بدأه بالترحيب بالحضور وفضيلة المفتي، موضحًا أن المعرض ليس مجرد سوق للكتب، بل هو ملتقى ثقافي يتجلى فيه عبقرية الإنسان، وتلتقي فيه العقول من مختلف أنحاء العالم.
وأشار عبد الرحمن إلى أن الندوة تركز على الفتوى في ظل العالم الرقمي، الذي شهد تداخلًا وتنوعًا في الرؤى، مشددًا على أن الفتوى الرقمية أصبحت ضرورة حتمية في هذا العصر، لتوجيه العقول نحو الفهم الصحيح، خاصة مع تنوع المعلومات المتاحة عبر الإنترنت. وأكد أن التعامل مع العالم الرقمي يتطلب رؤية واضحة وفهمًا دقيقًا للمعلومات وموثوقيتها.
من جانبه، عبر الدكتور نظير عياد عن شكره وامتنانه لأسرة وزارة الثقافة، وعلى رأسها الوزير أحمد فؤاد هنو، والدكتور أحمد بهي الدين العساسي رئيس الهيئة العامة للكتاب، على تنظيم هذا اللقاء المتميز. ولفت إلى أن التعامل مع العالم الرقمي أصبح جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية، ولا يمكن تجاهله.
وأوضح مفتي الجمهورية أن الفتوى ليست مجرد حكم شرعي، بل هي عملية تهدف إلى خلق توازن بين النصوص الشرعية ومراد الله سبحانه وتعالى. وأشار إلى أن الشريعة الإسلامية تتمتع بمرونة كبيرة وتصلح لكل زمان ومكان، مما يستدعي النظر الدقيق في كل فتوى لتحقيق مصلحة الأمة وتخفيف المشقة.
وأشار عياد إلى أن الفتاوى المتشددة التي لا تتفق مع مقاصد الشريعة أصبحت مصدرًا للقلق والاضطراب في الآونة الأخيرة، مؤكدا على ضرورة أن تأتي الفتوى من المؤسسات الدينية المتخصصة مثل دار الإفتاء والأزهر الشريف، مشيرًا إلى أن هذه المؤسسات هي المنوطة بإصدار الفتوى وفقًا للمقاصد الشرعية.
كما أكد فضيلته على أن الفتوى هي مسؤولية عظيمة وليست تشريفًا، موضحًا أن التحديات التي تواجه الفتوى اليوم تشمل التعدد الفكري والثقافي والديني، ويجب أن تراعي الفتوى هذه التحديات وتكون قادرة على التكيف مع التنوع.
وفيما يتعلق بمفهوم “تجديد الخطاب الديني”، شدد المفتي على ضرورة التعامل مع هذا المصطلح بحذر حتى لا يتم تفسيره بشكل خاطئ على أنه دعوة للتحرر والانفلات من الثوابت الدينية. وأضاف أن التخصص في مجال الفتوى ضروري لضمان تقديم فتاوى موثوقة تراعي حقوق الله والنفس والمجتمع.
وفي حديثه عن استخدام التكنولوجيا في إصدار الفتاوى، أشاد الدكتور عياد بالجهود التي بذلتها دار الإفتاء المصرية في استخدام الفضاء الرقمي لمواكبة العصر، مثل إنشاء مواقع إلكترونية وتطبيقات خاصة لتقديم الفتاوى. ومع ذلك، أشار إلى أن بعض القضايا، مثل الأحوال الشخصية والمواريث، تحتاج إلى الفتوى الشفهية أو الهاتفية التي تتطلب تفاعلًا مباشرًا.
وفيما يخص الذكاء الاصطناعي، أكد المفتي أن هذا النوع من التكنولوجيا له مزايا في جمع المعلومات وتنظيمها بسرعة، لكنه حذر من بعض سلبياته، مثل الترجمة غير الدقيقة للمعلومات، التي قد تتطلب تدقيقًا متأنيا.
وفي ختام اللقاء، أكد مفتي الجمهورية أن الفتوى الرقمية يجب أن تكون مستندة إلى فهم عميق للدين ومتطلبات العصر، بحيث تجمع بين العلم الشرعي واحتياجات المجتمع التكنولوجية، بما يحقق مصالح الأمة ويحافظ على ثوابت الشريعة الإسلامية.