مع حلول ليالي شهر رمضان المبارك، يعود المسحراتي ليوقظ النائمين على وقع طبلته وصوته العذب الذي يملأ الشوارع بأناشيده التقليدية، مرددًا عبارته الشهيرة: “اصحى يا نايم.. وحد الدايم”، في طقس رمضاني أصيل يربط الأجيال بعبق التاريخ والتقاليد.
يحمل المسحراتي طبلته الصغيرة “البازة” بيده اليسرى، ويضربها بعصاه اليمنى، متنقلًا بين أزقة الحارات والأحياء، يردد أسماء أهل كل بيت، ويخص الأطفال بنداء حنون، مرددًا: “أسعد الليالي لست العرايس (فلانة)”، ليصبح صوته جزءًا لا يتجزأ من ذاكرة رمضان في مصر.
ومع اقتراب وداع الشهر الفضيل، تتغير نغماته، ويودع رمضان بكلمات تعبر عن الحنين: “لا أوحش الله منك يا شهر الصيام.. لا أوحش الله منك يا شهر القيام”، وكأنه يستأذن قبل الرحيل، تاركًا أثره في قلوب الصائمين.
وظل هذا التقليد الرمضاني مصدر إلهام حتى للمؤرخين الأجانب، حيث كتب المؤرخ الإنجليزي إدوارد لين عن زيارته لمصر قبل أكثر من 150 عامًا، ووصف كيف كانت الشوارع تضيء بالفوانيس وتعمها السكينة بعد نداء المسحراتي، مشيرًا إلى أنه كان رمزًا لأجواء رمضان في القاهرة.
رغم تطور الزمن، يبقى المسحراتي جزءًا أصيلًا من روح رمضان، حارسًا للتراث، وصوتًا لا يغيب عن ليالي الشهر الكريم.