يقول احمد امين الخبير في العلاقات الاسرية انه منذ القدم، كان الزواج يُنظر إليه باعتباره مؤسسة اجتماعية تجمع بين شخصين بهدف تكوين أسرة وبناء حياة مشتركة.
واضاف: مع تطور المجتمعات واختلاف الثقافات، أصبح تعريف الزواج الناجح يتباين من شخص لآخر؛ فالبعض يرى أن الحب هو الأساس الذي يُبنى عليه الزواج، بينما يرى آخرون أن الشراكة العقلانية والتفاهم هما ما يضمنان استمرارية العلاقة ونجاحها. وهنا يبرز التساؤل الذي يشغل بال كثيرين:
هل الزواج الناجح يعتمد على الحب وحده، أم على شراكة عقلية وواعية؟
الحب… البدايات المشرقة:
الحب هو ذلك الشعور العاطفي القوي الذي يجذب شخصاً إلى آخر، وهو غالباً ما يكون الدافع الأول نحو الارتباط. فحين يقع الإنسان في الحب، يرى في شريكه صفات مثالية، يشعر بالأمان بالقرب منه، ويرغب في قضاء بقية حياته معه.
ولكن، هل يكفي الحب وحده لضمان زواج ناجح؟
في الواقع، الحب جميل، لكنه لا يمكن أن يكون الضامن الوحيد للاستقرار؛ فهو عاطفة متغيرة، تتأثر بالضغوط اليومية، وتضعف إذا لم تجد ما يغذيها من احترام واحتواء وتفاهم.
العقل هو البنية التحتية للعلاقة:
في المقابل، هناك من يرى أن الشراكة العقلية بين الزوجين هي الأساس المتين الذي يُبنى عليه الزواج. هذا النوع من العلاقات يعتمد على الوعي، الاحترام المتبادل، القدرة على إدارة الخلافات، وتحقيق التوازن بين الاحتياجات الفردية والمشتركة.
العقل يساعد الطرفين على اتخاذ قرارات مدروسة، ويخلق بيئة آمنة للنمو والتطور، عكس العلاقات العاطفية البحتة التي قد تشتعل بسرعة ولكنها قد تنطفئ عند أول اختبار حقيقي.
لماذا لا نختار الاثنين معاً؟
ليس هناك تعارض بين الحب والعقل، بل هما جناحان لا تطير العلاقة بدونهما. الزواج الناجح هو ذلك الذي يجمع بين مشاعر الحب الصادق، وبين وعي عقلي ناضج.
الحب يضيف الدفء والحنان، والعقل يضمن الاستمرارية. الحب يدفعنا إلى التسامح، والعقل يُعلّمنا كيف نحل الخلاف. الحب يجعل العلاقة إنسانية، والعقل يجعلها متزنة.
أمثلة واقعية:
الزواج القائم على الحب فقط: يبدأ عادة بشغف كبير، لكن إذا غابت المسؤولية والتفاهم، يبدأ التراكم والاحتقان. قد يشعر أحد الطرفين بأنه يُضحّي أكثر من الآخر، أو أنه لا يُفهم، ومع الوقت قد تنطفئ شعلة الحب.
الزواج القائم على العقل فقط: يوفر أماناً واستقراراً، لكنه قد يفتقر إلى الحميمية والدفء. في بعض الأحيان، يشعر الطرفان بأن العلاقة أصبحت شراكة عملية باردة، لا يتخللها ذلك الوهج الذي يُشعرهما بأنهما “أكثر من مجرد شريكين”.
لزواج المتوازن بين الحب والعقل: يبدأ بإعجاب وانجذاب، يتطور إلى حب ناضج، ويُبنى على تفاهم عميق. يدرك كل طرف أن الحفاظ على العلاقة يتطلب جهداً ومشاركة، ويكون مستعداً للمواجهة لا للهروب، وللدعم لا للّوم. وبالتالي الزواج الناجح ليس معادلة رياضية تُحل بمفهوم واحد، ولا يمكن أن يقوم على الحب وحده أو العقل وحده. بل هو توازن دقيق بين العاطفة والوعي، بين القلب والعقل.
فاختر شريكاً تحبه، ولكن أيضاً تفهمه ويحترمك، ابحث عن علاقة تُشعرك بالطمأنينة لا بالقلق، علاقة تُغذي قلبك وتُرضي عقلك. فالزواج ليس مجرد أن تجد من تحب، بل أن تبني مع من تحب علاقة تستحق أن تُكمل معها حياتك.
