شارك رئيس هيئة الدواء المصرية في المؤتمر الطبي الثالث للاستخدام الأمثل للمضادات الحيوية ومكافحة العدوى، لتسلط الضوء على التحديات الخطيرة التي تواجه الصحة العامة في مصر والعالم.
المؤتمر شهد حضور عدد من كبار المسؤولين في القطاع الصحي المحلي والدولي، وممثل منظمة الصحة العالمية، لمناقشة سبل التصدي لسوء استخدام المضادات الحيوية، وهو ما بات يشكل تهديدًا يتجاوز الإنسان ليشمل الحيوان والبيئة، وفق ما أكده رئيس الهيئة خلال كلمته.
وأكد أن مقاومة البكتيريا للمضادات لم تعد خطرًا مستقبليًا، بل واقعًا قاتمًا تترتب عليه تبعات كارثية، لافتًا إلى أن التقديرات تتوقع وصول عدد الوفيات المرتبطة بمقاومة المضادات إلى 10 ملايين حالة سنويًا بحلول عام 2050، بعد أن سجلت نحو 5 ملايين حالة عام 2019 فقط.
وأوضح أن المضادات الحيوية تمثل 11.6% من إجمالي مبيعات سوق الدواء في مصر خلال عام 2024، وأن الاستخدام غير الموصوف بلغ 55% من تلك المبيعات، ما يعكس حجم التحدي في ضبط هذا الملف الحيوي.
وأشار إلى أن الهيئة انضمت إلى منصة منظمة الصحة العالمية لرصد استهلاك المضادات الحيوية، وتعمل على رفع تقارير دورية وفق نظام الجرعة اليومية، مما يسمح بمقارنة بيانات مصر عالميًا، والمساهمة في اتخاذ قرارات مبنية على بيانات موثقة.
وفي خطوة تنظيمية مهمة، أطلقت الهيئة قرارًا بمنع صرف بعض المضادات إلا بوصفة طبية، مع إصدار دليل لتنظيم صرف مستحضرات المجموعة “الاحتياطية”، وشنت حملات تفتيشية على أكثر من 500 مؤسسة صيدلية، أسفرت عن وقف التوريد لـ 42 منها لمخالفة التعليمات.
أسفرت تلك الإجراءات عن خفض مبيعات مضادات الحقن من المجموعة الاحتياطية بنسبة 38.4% حتى مارس 2025، في إنجاز يُحسب للجهود المبذولة نحو ترشيد الاستخدام.
كما عرضت الهيئة تحديثات نظام الرصد لتشمل تصنيف الاستهلاك حسب الشكل الصيدلي (فموي، حقن) ومستوى الرعاية الصحية (عام، خاص)، حيث كشفت الأرقام أن 81.3% من السوق يتركز في القطاع الخاص، وهو ما يتطلب رقابة صارمة ورفع الوعي داخل هذا النطاق.
وشددت الهيئة على استمرار التعاون مع منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأغذية والزراعة، والهيئة العامة للخدمات البيطرية، في إعداد البرامج التدريبية، والمشاركة في إعداد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، والتكامل ضمن الإطار الوطني للصحة الواحدة.
على الجانب التوعوي، أطلقت الهيئة عددًا من المبادرات مثل “دوائك أمانك” و”الرعاية الصيدلية”، بالإضافة إلى مركز تبادل الخبرات Triple Es، مستهدفة المجتمع والصيادلة والجامعات ومقرات الهيئة، لتعزيز السلوك الرشيد في التعامل مع هذه الأدوية الحيوية.
هيئة الدواء تؤكد أن مواجهة هذا التحدي تتطلب تضافر الجهود بين جميع الأطراف، وتحمل كل فرد مسؤوليته في حماية صحة المجتمع والأجيال القادمة.