يقول احمد امين الخبير بالعلاقات الاسريه ان الانفصال بين الأبوين يمثل تجربة زلزالية في حياة الطفل، لا تقل تأثيرًا عن فقدان أحد الوالدين.
ويضيف : بينما ينشغل الكبار بترتيب أمورهم القانونية والعاطفية، قد يُترك الطفل في العاصفة بلا مظلة تحميه من السقوط النفسي.
ويقول: من هنا تأتي ضرورة توفير أدوات حماية نفسية فعّالة تساعد الطفل على تجاوز هذه المرحلة دون أن تتشوه رؤيته لذاته أو للعالم.
أولًا: الحفاظ على استقرار الروتين اليومي
من أكبر مصادر الأمان للطفل هي التوقعات المستقرة. الانفصال يهز هذا الاستقرار، لذا من الضروري المحافظة على روتين يومي واضح للطفل، من أوقات النوم والطعام إلى الدراسة والأنشطة. هذه الاستمرارية تساعد الطفل على الشعور بأن الحياة لم تفلت تمامًا من بين يديه.
ثانيًا: إبعاد الطفل عن الصراعات
أسوأ ما يمكن أن يفعله أحد الوالدين هو استخدام الطفل كسلاح ضد الآخر.
▪️ لا ينبغي مشاركة الطفل في تفاصيل الخلاف أو الحديث عن الطرف الآخر بسوء.
▪️ لا تضعه في موقع “الاختيار” بينكما.
▪️ لا تستخدمه كوسيط لنقل الرسائل.
هذه الممارسات تزرع في الطفل شعورًا بالذنب والانقسام والقلق، وتدفعه نحو الولاء القسري لطرف على حساب الآخر.
ثالثًا: تطمين الطفل دون تزييف الواقع
الأطفال لديهم رادارات داخلية حساسة. الكذب عليهم أو الادّعاء بأن “كل شيء على ما يرام” قد يشعرهم بعدم الأمان. المطلوب هو الصدق العاطفي المناسب لسنهم:
“نحن قررنا الانفصال، لكننا ما زلنا نحبك وسنظل نرعاك سويًا.”
هذه الرسالة تختصر معانٍ كثيرة من الطمأنينة وتُعيد للطفل الشعور بالاحتواء.
رابعًا: دعم المشاعر بدلًا من إنكارها
لا تقل له: “مافيش حاجة تزعلك”، أو “خليك قوي”.
بل قُل:
“أنا عارف إنك متضايق، وده طبيعي… أنا كمان بتعب أوقات.”
إعطاء الطفل مساحة للتعبير، وسماع مشاعره دون الحكم عليها، هو حجر أساس في بناء توازن نفسي طويل الأمد.
خامسًا: تشجيعه على التعبير بالرسم أو القصة
بعض الأطفال لا يملكون اللغة الكافية للتعبير عما يشعرون به. الرسم، واللعب، وتأليف القصص أدوات فعالة لفهم عالمهم الداخلي.
شارك الطفل في هذه الأنشطة، أو قدّم له دفتر رسم خاص به، ودعه “يرسم حزنه” أو “يحكي عن يومه”.
سادسًا: عدم استغلال الطفل كتعويض عاطفي
بعض الأمهات أو الآباء – بعد الانفصال – يفرطون في التعلّق بالطفل، ويحمّلونه دور “البديل العاطفي” عن الشريك. هذا عبء ثقيل لا يليق بالطفل.
يجب الحفاظ على حدود صحية في العلاقة، حتى لا يتحول الطفل إلى منقذ وهمي أو مرآة لاحتياجات أحد الأبوين.
سابعًا: المتابعة النفسية عند الحاجة
إذا ظهرت على الطفل علامات اضطراب مثل:
▪️ التبول الليلي
▪️ الانعزال الشديد
▪️ نوبات غضب متكررة
▪️ تراجع دراسي أو سلوكي
فلا تتردد في استشارة مختص نفسي. التدخل المبكر قد يمنع تطور مشكلات نفسية مزمنة.
الانفصال لا يجب أن يعني الدمار النفسي للأطفال. بل يمكن أن يكون، إذا أُدير بوعي، نقطة بداية لبيئة أكثر صحة ووضوحًا.
المطلوب من الأبوين هو الشجاعة…
شجاعة عدم جعل الطفل ضحية لقرارات الكبار، بل درعه الذي يحميه من أن يتحول “البيت المكسور” إلى قلب مكسور