أكد الأمير الحسن بن طلال ولي عهد الاردن السابق الحاجة لتعزيز أخلاقيات التضامن الإنساني، التي تؤكد احترام الأفراد بعيدًا عن سياسات التمييز والإقصاء،وشدد على ضرورة التعاون، والتكامل والتشبيك، بين جميع الجهات المحلية والإقليمية والدولية، للتعامل مع التحديات التي يواجهها اللاجئون والمهاجرون.
وقال خلال حضوره المؤتمر الإقليمي “اللاجئون والمهاجرون من المنطقة العربية وفيها: ظلال التمييز”، الذي عُقد يوم الخميس الماضي، إن المؤتمر هو استمرار لجهود بذلت في لقاءين سابقين، الأول بعنوان “من المهانة إلى الكرامة الإنسانية-من الأمم المتحدة إلى الشعوب المتحدة: من حافة الكارثة إلى مستقبل الكرامة”. والثاني حول تعزيز نظام إنساني عالمي يستند إلى القواعد و”قانون من أجل السلام” بمشاركة عدد من الخبراء والمختصين من أنحاء العالم، وخلص كلا الحوارين إلى أن مبدأ كرامة الإنسان يجب أن يكون الإطار التوجيهي لجميع السياسات.
ولفت إلى ضرورة النظر لمعالجة قضايا اللاجئين انطلاقًا من عدة مسارات إنسانية، وسياسية، وتنموية، فضلًا عن أهمية إيجاد شبكة للمعرفة الوطنية لمنطقتنا، ومجلس اجتماعي اقتصادي إقليمي يعملان على أنسنة الإحصاءات المرتبطة باللاجئين والمهاجرين، ويقومان على أساس ربط الموضوعات المشتركة ضمن عناقيد. ونوّه سموه إلى أن تحقيق الحياة الفُضلى للاجئين لن تكون إلا بتشارك وتداخل وتكامل التخصصات، وتعزيز الحوار المسؤول المستند إلى المعرفة والمعلومات بين المجتمعات والمؤسسات.
وكان ممثلين عن المجتمع المدني المصريقد شاركو في اللقاء الإقليمي مرفأ اللاجئون والمهاجرون والذي انعقد في المملكة الأردنية الهاشمية في الفترة من 29 الي 30 سبتمبر
صرح أحمد بدوي رئيس مجلس أمناء المؤسسة المصرية لدعم اللاجئين عن أهمية اللقاء في ذلك التوقيت في ظل تزايد أعداد اللاجئين والمهاجرين ودور الدولة المصرية ومنظمات المجتمع المدني في دعم قضايا اللجوء والمهاجرين والذي بلغ أعدادهم الي 9مليون ما بين مهاجرين ولاجئين
وعلى مدار يومين، ركز المؤتمر الذي نظمه ملتقى الهجرة واللجوء في العالم العربي (مرفأ) التابع لمنظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) ومركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان بدعم من هينرش بُل-فلسطين والأردن، على أشكال التمييز المختلفة التي يواجهها اللاجئون والمهاجرون.
وقدم المؤتمر الذي يضم ممثلين عن المجتمع المدني والدولي، والأكاديميين العرب والدوليين، والجهات الرسمية والمهتمين، نظرة عامة نقدية على أنماط التمييز المختلفة التي تتم ممارستها إزاء المهاجرين واللاجئين من المنطقة العربية، بما في ذلك القضايا الهيكلية والسياسية والدور الذي تلعبه الجهات المعنية المحلية والدولية لمعالجة هذه المسألة، وذلك سعيًا لتوجيه الحوار نحو النتائج وتحديد عدد من التوصيات ورسائل المناصرة، بالاعتماد على الأدوات القانونية والآليات المؤسسية والاستراتيجيات لتعزيز الحماية.
وفي كلمتها الافتتاحية، قالت المديرة التنفيذية لمنظمة النهضة العربية (أرض) سمر محارب، إن المنطقة العربية تحتل المرتبة الثانية عالميًّا من حيث تضرّرها من الهجرة واللجوء القسريين. ولأجل ذلك؛ يؤمن ملتقى الهجرة واللجوء في العالم العربي (مرفأ) بضرورة تقديم الدعم والمساعدة للاجئين والعمال المهاجرين الذين يعانون من ظروف صعبة والتمييز، والدعوة إلى التعاون مع المواطنين، والحكومات والمؤسسات الوطنية والدولية لضمان حماية اللاجئين ووصولهم إلى حقوقهم.
وشددت على أنه آن الأوان أن نقول “كفى حان الوقت لموقف عربي واحد يعالج أنماط التمييز وجذور مشاكل الهجرة واللجوء”.
أكدت فرانشيسكا ألبانيز، المستشارة الرئيسة لشؤون الهجرة والتهجير وانعدام الجنسية في مركز النهضة الفكري في منظمة النهضة العربية (أرض) على أن حماية اللاجئين والمهاجرين في المنطقة لم تعد تحظى بالاهتمام الكافي، وهذه مسألة إشكالية يمكن أن ترتبط بها تبعات وصعوبات، وعليه فإن قضايا الهجرة والتمييز من المجالات التي يجب على صناع القرار التركيز عليها.
أثنت ممثلة مؤسسة هينرش بُل-فلسطين والأردن، على المؤتمر الذي يمنح الفرصة للمهاجرين واللاجئين لتسليط الضوء على ظروفهم والتحديات التي يواجهونها، ليكون لهم فرصة للتشبيك مع الجهات المعنية وإيصال أصواتهم.
وناقشت الجلسة الأولى والتي أدارتها د. عروب العابد من مركز الدراسات اللبنانية سؤالًا مفاده “هل يعد التمييز ضد المهاجرين واللاجئين في المنطقة العربية ومنها ظاهرة؟”، في محاولة لتأطير قضية التمييز كما يعاني منها اللاجئون والعمال المهاجرون. فبعد الاستماع لصوت ممثلي المهاجرين واللاجئين في الأردن من خلال أ. ليندا الكلش، مديرة مركز تمكين لحقوق الإنسان، وعضو لجنة اللاجئين والهجرة في منظمة النهضة العربية (أرض) د. سامية آدم، ناقش كل من المفكر المغربي الدكتور علي أومليل الهجرة باعتبارها قضية القرن مطالبًا بإضفاء الطابع الإنساني على العمال المهاجرين واللاجئين، ودور السياسات في ذلك.
كما استعرضت الدكتورة أميرة أحمد، من الجامعة الأمريكية في القاهرة تجربة النساء المهاجرات واللاجئات في المنطقة العربية ومعضلة تحولهن إلى “زوجات يمكن التخلص منهن” من خلال التمييز ضد المرأة والاتجار بالبشر.
أما الجلسة الثانية والتي أدارتها د. مريم أبو سمرة من مركز النهضة الفكري، فناقشت “الجهات الفاعلة السياسية، والأطر المؤسسية، والسبل القانونية لمنع التمييز والتصدي له في منطقة الشرق الأوسط”، بدءًا بمداخلة الدكتور عاصم خليل البروفيسور في جامعة بيرزيت، القضايا القانونية المتعلقة بحماية المهاجرين واللاجئين، ومداخلة إيغور إيفانسيك من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والذي قدم “دراسة حالة للأردن حول حماية اللاجئين في المنطقة العربية”.
.أما فيما يخص الوضع في شمال إفريقيا وعلى حدود البحر الأبيض المتوسط، فقدم عضو مرفأ -عبد المنعم الحر، من المنظمة العربية لحقوق الإنسان، مداخلة بعنوان الرحلة بلا عودة والمضي قدمًا: البقاء على قيد الحياة في ليبيا كأجنبي.
فيما حاولت الجلسة الثالثة والتي أدارتها دينا باسلان بعنوان “واجبات أوروبا ومسؤولياتها: نحو شراكة جديدة”، استكشاف التمييز الذي يواجهه الأشخاص “المتنقلون”، والذي يشمل غالبًا العنصرية وانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى، كما لا يظهر فقط في المنطقة العربية، ولكن أيضًا، وبشكل ثابت، تبرز هذه المسائل بما يتجاوز المنطقة العربية إلى أوروبا حيث قدم الدكتور أيمن زهري من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، مداخلة بعنوان “نهج العصا والجزرة للهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط”، وقدمت يارا حسن من المركز الإقليمي للاجئين والمهاجرة مداخلتها عن “التدفقات المختلطة من اللاجئين والمهاجرين في طريقهم إلى أوروبا”، فيما توسعت إميليجا أفوبايتو، من مجموعة سينوس للاجئين -ليتوانيا حول “معاملة الغرب للمهاجرين كرصاص متطاير: كيف يقع الاتحاد الأوروبي في فخ الأمن القومي”. وتطلعًا نحو تصور أفضل، قام الدكتور عبد الله السيد من موريتانيا بإعادة التصور اللقاء مع المهاجرين واللاجئين وآفاق أفضل.
في حين تحدثت الجلسة الختامية عن مستقبل مرفأ ونهج حقنا، وقدم أحمد موسى ملخصاّ لأهم البنود ونقاط العمل في المؤتمر. واختتم المؤتمر، بتأكيد المشاركين على ضرورة العمل المستمر لمعالجة قضايا التمييز ضد اللاجئين والمهاجرين من العالم العربي وفيه، وأهمية البحث وإعلاء أصوات اللاجئين والمهاجرين والمعالجة الجذرية لأوضاعهم عبر التكامل بين جميع الجهات المعنية من مجتمع دولي ومنظمات محلية، وإقليمية، والجهات الرسمية، وتكاتف جميع الأطراف عبر الدول والعمل على جميع المسارات بالتوازي نحو أطر قانونية أساسها الكرامة الإنسانية للجميع دون تمييز.
يذكر أن ملتقى الهجرة واللجوء في العالم العربي (مرفأ) هو شبكة مستقلة من الأكاديميين العرب ونشطاء حقوق الإنسان والقانونيين تأسست عام 2019، ونشأت استجابة للحاجة الماسّة إلى نهج جماعي لمناصرة حقوق المهاجرين واللاجئين والتوعية بالقضايا الملحة ذات الصلة في المنطقة بما في ذلك قضايا انعدام الجنسية والشتات العربي. وسبق المؤتمر بيانٌ لمرفأ تحدث عن واقع التمييز ضد المهاجرين واللاجئين من وفي الوطن العربي لا سيما في ظل ازدياد الاعتداءات التي يتعرض لها المهاجرون والمعاملة التمييزية بحقهم.