حذر وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر من أن رغبة البعض في تفكيك روسيا قد تؤدي إلى فوضى نووية، فيما دعا لإحلال سلام قائم على التفاوض في أوكرانيا للحد من مخاطر نشوب حرب عالمية مدمرة.
وفي مقال له بمجلة “ذا سبيكتاتور” البريطانية تحت عنوان “سُبل تجنب حرب عالمية أخرى”،
أكد كيسنجر أن : الوقت يقترب للبناء على التغييرات الاستراتيجية التي تحققت بالفعل، ودمجها في هيكل جديد نحو تحقيق السلام من خلال المفاوضات.
عملية السلام في أوكرانيا
يجب أن تربط عملية السلام في أوكرانيا بحلف شمال الأطلسي. خيار التزام الحياد لم يعد له مغزى.
وقال كيسنجر إنه اقترح في مايو وقفا لإطلاق النار تنسحب روسيا بموجبه إلى الخطوط الأمامية التي كانت عليها قبل بدء عمليتها العسكرية في أوكرانيا، وتبقى شبه جزيرة القرم محل “مفاوضات”.
اقترح كيسنجر (99 عاما) إجراء استفتاء تحت إشراف دولي للبت في أمر الأراضي التي أعلنت روسيا ضمها في حالة ما إذا ثبت استحالة العودة إلى المشهد الذي كانت عليه الأوضاع في عام 2014.
روسيا دولة عاجزة
وحذر كيسنجر من أن الرغبة في أن تبدو روسيا كدولة “عاجزة” أو حتى السعي إلى تفكيكها قد تطلق العنان للفوضى.
إن تفكيك روسيا أو تدمير قدرتها على ممارسة السياسة الاستراتيجية يمكن أن يحوّل أراضيها التي تضم 11 منطقة زمنية إلى فراغ متنازع عليه.
قد تقرر مجتمعاتها المتنافسة تسوية نزاعاتها بالعنف، وقد تسعى دول أخرى إلى زيادة مطالبها بالقوة.
ستتضاعف كل هذه المخاطر بسبب وجود الآلاف من الأسلحة النووية التي تجعل روسيا واحدة من أكبر قوتين نوويتين في العالم.
وعقد كيسنجر، الذي لعب دورا بارزا في الانفراجة السياسية للحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي عندما كان وزيرا للخارجية في عهد الرئيسين الجمهوريين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، عدة لقاءات مع فلاديمير بوتين منذ انتخابه رئيسا لروسيا لأول مرة في عام 2000.
ولا تلوح في الأفق نهاية للصراع بين روسيا وأوكرانيا الذي اندلع في 24 فبراير، وأودى بحياة عشرات الآلاف وشرد الملايين، ومنح موسكو السيطرة على حوالي خمس مساحة أوكرانيا.
أوروبا ومفترق الطرق
يرى هنري كيسنجر في المقالة أن العالم، أوروبا تحديداً، أمام مفترق طرق حاد لا يستخف به شأن مفترق الحرب العالمية الأولى الذي انساقت إليه دول غرب أوروبا وقوض قوتها.
وأودت الحرب بملايين القتلى. وأميركا وأوروبا أمام مفترق طرق من هذا القبيل للحؤول دون سقوط مزيد من القتلى إذا تركت المعارك العسكرية على غاربها في حسم المسائل، ولا بد من أن تُسلك طريق المفاوضات.
ويخلص إلى أن أوكرانيا صارت قوة كبرى في أوروبا الوسطى في سابقة من نوعها في التاريخ المعاصر. فقوضت بمساعدة حلفائها وقيادة فلوديمير زيلينسكي القوة التقليدية الروسية التي كان خطرها يهيمن على أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. والنظام الدولي- والصين ضمناً- يعارض لجوء موسكو إلى السلاح النووي.