قال الدكتور عماد أبو غازي، أستاذ الوثائق المتفرغ بجامعة القاهرة، ووزير الثقافة الأسبق، إن نحات مصر العظيم محمود مختار أولى عناية كبيرة للحديث عن العدالة الاجتماعية وتحرير المرأة والدستور والاستقلال، كما قدم العديد من النماذج والأعمال التي سلطت الضوء على المتسولين والفقراء والأمهات اللواتي عذبهن العوز وطارد شبح الموت أبنائهن في أعماله، سواء التي تمت أو تلك التي بقيت مخططات أو نماذج جبسية.
نحت مختار وقضايا المجتمع
وأوضح أستاذ الوثائق المتفرغ بجامعة القاهرة، خلال محاضرة بمتحف الحضارة أدارها الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف الدكتور أحمد غنيم وحملت عنوان «نحت مختار وقضايا المجتمع»، أن «مختار» كان من أوائل من احترفوا فن الكاريكاتير ووظفه أيضا في الدفاع عن الفقراء، ولفت الأنظار إلى وضعهم البائس وهو صاحب الشخصية التي تشبه شخصية الكحيت التي رسمها بعد ذلك الفنان مصطفى حسين بأخبار اليوم.
وأضاف «أبو غازي» أن مختار المتوفى سنة ١٩٣٤؛ سلط الضوء أيضًا على المرأة وقضاياها، ولا سيما المرأة الريفية من خلال معايشته لهن في قريته طنبارة بالمحلة الكبرى، حيث شاهد بنفسه كيف تملأ الجرار وتربي الأطفال وتعمل في الحقول، وكان يرى أنه لا تقدم دون تحرير المرأة عقلًا وعاطفة وله تمثال ذائع يناجي فيه قروي حبيبته الفلاحة وهي تنصت بسعادة ولكن من علو.
وأكد أبو غازي أن مختار وضع المرأة بطلة في تمثاله الأعظم «نهضة مصر» فقدمها شامخة وهي ترفع النقاب عن وجهها وعن عقلها وتتطلع للأمام بينما تستحث أبو الهول لينهض من سباته؛ وفي قاعدة تمثال سعد زغلول بالقاهرة؛ تلعب المرأة
ذات الملامح الفرعونية؛ دورًا بارزًا في مساندة زغلول والنهضة المصرية والكفاح من أجل الاستقلال؛ وحين أنشأ تمثال الخماسين كان يقصد به انقلاب محمد محمود باشا على الدستور، وكشف وزير الثقافة الأسبق، أن «مختار» كان قد أراد عمل تمثال كبير باسم «الاستقلال» لكنه لم يتمه، لافتًا إلى أنه لم يسمى معظم تماثيله.
اهتمام مختار بالهوية القومية المصرية
ووصف وزير الثقافة الأسبق، «مختار» بأنه موهبة كبرى ضمن مواهب مصرية فذة، ظهرت حول بداية القرن العشرين وتبلور مشروعها الفكري والفني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي مع ثورة ١٩١٩ وما تلاها، مؤكدًا أن دوافع الاستقلال والدستور وإحياء هوية مصر المستقلة؛ كانت أكبر محرك لظهور رواد تلك الفترة، لأن الديمقراطية وقتذاك كانت منقوصة ومشوهة بسبب الاحتلال، كما أنه في عهد الملك فؤاد نفسه حدثت ثلاث انقلابات على الدستور.
وتابع: ومن هنا كان طبيعيا أن يهتم مختار بالهوية القومية المصرية وفي مرحلة متأخرة بالبعد الإسلامي والبعد المتوسطي حتى قبل أن يكتب طه حسين كتابه عن مستقبل الثقافة في مصر؛ وقد حلم مختار بإنجاز عمل صرحي عن الإسكندر الأكبر في الإسكندرية لكنه لم ينجزه.