حمل فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، منذ توليه مشيخة الأزهر في 19 مارس 2010، راية الدفاع عن حقوق المرأة واهتم بها اهتمامًا بالغًا، مناديًا باحترام كرامتها الإنسانية واستغلالِ طاقاتها المُهدرة وإعطائها حقوقها كاملة كشريك أساسي للرجل في تعمير الارض وإصلاح المجتمعات وبناء الأوطان، مستنكرًا كل أشكال التهميش والتمييز والعنف والاستغلال ضدها، معتبرًا أن “وضع المرأة الإنسانيَّ والحضاريَّ في هذا العصر هَمٌ كبيرٌ من همومِ الإنسانيَّةِ جَمْعَاء، ولم يكن ذلك مجرد كلمات، بل تابع ذلك الكثير والكثير من القرارات والأفعال لوضع المرأة في مكانها الطبيعي الذي أعطاها الله لها.
جهود الإمام الأكبر في دعم حقوق وقضايا المرأة
ودافع فضيلة الإمام الأكبر عن حقوق الفتيات الصغيرات ورفض زواج القاصرات لما يتضمنه من أذى نفسي وعقلي وجسدي للفتاة، وأعلن عن تأييد الأزهر للقانون الذي يحدد سن زواج الفتيات بـ 18عامًا، كما دافع عن حق الأم المطلقة في رعاية أبنائها وعدم حرمانها منهم، حرصًا على صحة البناء النفسي والعقلي للأطفال، وبين أن تحديد انتهاء حق الحضانة ببلوغ سن الخامسة عشرة لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، كما دعا إلى ضبط “ظاهرةِ فوضى تعدُّدِ الزواجِ وفوضى الطلاقِ”، مؤكدا أن الأصل في الشريعة ليس تعدد الزوجات وإنما الأصل هو الحرص على الإبقاء على الزوجة والتمسك بها”، كما شدد فضيلته على أن إجبار الفتاة على الزواج ممن لا تريده أمر مرفوض ومسألة لا أخلاقية لأنها حكم بما يشبه الإعدام على حياة كاملة لفتاة.
جهود الدعم والتمكين للمرأة العاملة بالأزهر
وحرص فضيلة الإمام الأكبر على دعم وتمكين المرأة العاملة بالأزهر الشريف، ففى سابقة تاريخية، قرر فضيلته تعيين امرأة فى منصب مستشار، حيث قرر ندب الدكتورة نهلة الصعيدى، عميدة كلية العلوم الإسلامية للوافدين، فى منصب مستشارة شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، كما وجه فضيلته بتخصيص قسم لفتاوى المرأة بمركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية، يعمل به مجموعة من المفتيات المتخصصات للرد على تساؤلات النساء اللاتي يرغبن في الحصول على الإجابة الصحيحة الموثوقة من المتخصصين فيها، وبعض التساؤلات التي يمكن لهن أن يتحرجن في عرضها على رجل، وأعطى فضيلة الإمام الأكبر توجيهاته بتنظيم العديد من الدورات، التي تستهدف تثقيف المرأة والارتقاء بها، لمواكبة مستجدات العصر وتفعيل دورها في المجتمع، وعقد الأزهر الشريف بالتنسيق مع المجلس القومي للمرأة عدة حملات الكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، ومحاضرات وندوات بالمدارس والمعاهد والجامعات الحكومية والخاصة، فضلا عن عقد دورات تدريبية للمقبلين على الزواج من الجنسين.
كما قرر فضيلته تخصيص مبنى كلية الأزهر المقام على مساحة 12 فدان بمدينة الخانكة بالقليوبية، لإنشاء أول كلية تربية رياضية للبنات تابعة لجامعة الأزهر، بما يعكس الاهتمام بالفتاة الأزهرية والحرص على مواجهة العادات والتقاليد البالية التي تحرم الفتيات من حقوقهم الطبيعية، وبدأت الدراسة بالكلية خلال العام الدراسي 2017/2018، ووضع الإمام الأكبر، بصفته رئيس مجلس أمناء بيت الزكاة والصدقات المصري، سداد ديون الغارمات كأحد أهم أولويات بيت الزكاة والصدقات، وطالب فضيلة في 23 ديسمبر 2014م، وزير الداخلية ووزير العدل بموافاة بيت الزكاة بقاعدة البيانات الخاصة بالمحكوم عليهم في قضايا تتعلق بعدم سداد ما يستحق عليهم للدائنين حتى يتسنى لمجلس أمناء البيت اتخاذ ما يراه مناسبًا لأداء ديونهم، كما اتفق مع النيابة العامة على الآلية التي سيتم اتخاذها للإفراج عن الغارمين والغارمات.
نداءات عالمية نادى بها الإمام الأكبر لدعم المرأة وقضاياها
وجه فضيلة الإمام الأكبر بضرورة التفاعل والتواصل مع فئات المجتمع المختلفة وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي للتوعية بقضايا المرأة والأسرة، فتم إطلاق حملة “نَصِيبًا مَّفْرُوضًا” للتوعية بفلسفة الميراث وأحكامه والتي استهدفت التوعية بفلسفة الميراث وأحكامه في الإسلام، وألقت الضوء على بعض أشكال الظلم التي تتعرض لها المرأة وشددت على ضرورة إعطاها حقوقها كاملة كما منحها الله لها، كما تم إطلاق حملة “وعاشروهن بالمعروف”، للتوعية بأسباب الطلاق ومخاطره، وتوضيح الأسس السليمة لبناء أسرة سعيدة ومتماسكة، بالإضافة إلى حملة “أولو الأرحام”، والتي استهدفت التوعية بخطورة العنف الأسري، ومعالجة أهم أسبابه، وكيفية نشر قيم الود والمحبة بين أفراد الأسرة، وإيمانًا من الأزهر الشريف بضرورة سلامة البنيان الاجتماعي للأسرة المصرية التي تُعد نواة المجتمع ومحور ارتكازه، تم إطلاق “وحدة لم الشمل”، لنشر الوعي ولم شَّمْل الأسرة المصرية والصلح بين الأزواج.
وخصص فضيلة الإمام الأكبر حلقات تليفزيونية من برنامجه الإمام الطيب المذاع في شهر رمضان للدافع عن حقوق المرأة وقضاياها، أكد خلالها على أن العلماء راعوا بعض العادات المؤسفة التي تلجأ إليها بعض الأسر مثل تعنت ولي أمر البنت وحرمانها من رغبتها في الزواج بشاب مناسب انتظارا لشاب ثري أو من أسرة ثرية أو من نفس عائلة البنت، مثلما يحدث في الصعيد ومناطق أخرى، وقد انتهى الرأي في هذا الموضوع إلى أنه لا يحق للولي منع تزويج المرأة برجل كفء ترضاه، إذا لم يكن للمنع سبب مقبول وللقاضي إذا رفع إليه أمرها أن يزوجها، كما أكد فضيلته على أنَّه يجوزُ للمرأة شرعًا أن تتقلَّدَ الوظائفِ التي تُناسبها كافَّةَ بما فيها وظائفُ الدولةِ العليا ووظائفُ القضاءِ والإفتاءِ، كما أعلن فضيلته أن من أهمِّ ما أكَّدَه العلماءُ في فقهِ المرأةِ إلغاءُ ما يُعرَفُ ببيتِ الطاعةِ إلغاءً قانونيًّا قاطعًا لا لبسَ فيه ولا غُموض؛ لما فيه من إهانةٍ للزوجةِ، وإيذاءٍ نفسي لا يُحتَمل، ومعاملةٍ غيرِ آدميَّةٍ لها كإنسانٍ تُحتَرم مشاعرُه وأحاسيسُه.
وفي سابقة غير مسبوقة تم إصدار بيان شديد اللهجة يجرم التحرش تم التشديد فيه على أن التحرش – إشارة أو لفظًا أو فعلًا- هو تصرف محرم وسلوك منحرف، يأثم فاعله شرعًا، كما أنه فعلٌ تأنف منه النفوس السويّة وتترفع عنه، وتنبذ فاعله، وتجرمه كل القوانين والشرائع، وأن تجريم التحرش والمتحرِش يجب أن يكون مطلقًا ومجردًا من أي شرط أو سياق، فتبرير التحرش بسلوك أو ملابس الفتاة يعبر عن فهم مغلوط؛ لما في التحرش من اعتداء على خصوصية المرأة وحريتها وكرامتها، فضلًا عما تؤدي إليه انتشار هذه الظاهرة المنكرة من فقدان الإحساس بالأمن، والاعتداء على الأعراض والحرمات، وأن تحضر المجتمعات ورقيها إنما يقاس بما تحظى به المرأة من احترام وتأدب في المعاملة، وبما تتمتع به من أمان واستقرار وتقدير، كما تم الدعوة إلى تفعيل القوانين التي تجرم التحرش وتعاقبه على فعله، وتكثيف البرامج الإعلامية لتعريف المواطنين بما يجب عليهم من تصرُّفٍ حال وقوع حادثة تحرش، وبما يردع المتحرش ويوفر الحماية للمرأة أو الفتاة المتحرش بها.
وأطلق فضيلة الإمام الأكبر نداءات عالمية لدعم المرأة خلال مشاركة فضيلته في افتتاح القمة العالمية لرئيسات البرلمانات والتي عقدت في العاصمة الإماراتية أبوظبي، تحت عنوان “متحدون لصياغة المستقبل”، بمشاركة العشرات من القيادات البرلمانية النسائية حول العالم، حيث شدد في كلمته على أهمية تكريم المرأة ومناصرة حقوقها التي كفلتها الشريعة الإسلامية لها، وضرورة التركيز على وضع المرأة وتوجيه أكبر قدر من الاهتمام بها، وفي لقائه لوفد “بيت العبادة الأمريكية” أكد أن الإسلام قد رفع من شأن المرأة وصان كرامتها، وعلمنا أن النساء شقائق الرجال، وأن “طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة”، كما ضمن للمرأة حقها في الميراث وأن يكون لها ذمة مالية مستقلة.