التقى النائب العام المستشار/ حماده الصاوي والوفد المرافق له خلال زيارته الرسمية للعاصمة الفرنسية باريس بأبرز القيادات القضائية هناك، وهم إيريك ديبون موريتي وزير العدل الفرنسي، و ريمي هايتز النائب العام لدى محكمة استئناف باريس، و لور بيكيو المدعي العام لباريس، وذلك بحضور السفير/ علاء يوسف سفير جمهورية مصر العربية لدى فرنسا، في إطار تعزيز التعاون القضائي الوثيق رفيع المستوى بين الدولتين، حيث أعرب الطرفان خلال تلك اللقاءات عن سعادتهما بانعقادها، والتي تأتي تعبيرًا عن عمق العلاقات بينهما على المستوى القضائي بين البلدين.
وخلال لقاء النائب العام -أمس الاثنين الموافق الثاني عشر من شهر يونيو الجاري- بوزير العدل الفرنسي أشاد سيادته بالتعاون المثمر مع السلطات القضائية الفرنسية في جميع الملفات، والذي أسفر عن استرداد قطعتين أثريتين هامتين لمصر في قضية مرتبطة بواحدة من أكبر قضايا نهب وتهريب الآثار التي تشارك النيابة العامة المصرية فيها نظرائها الدوليين فيما تجريه من تحقيقات، مشيرًا إلى أهمية تعميم هذا النموذج من التعاون مع البلاد الأخرى لكي تتبع ذات نهج السلطات الفرنسية حتى تتمكن الدولة المصرية من استرداد آثارها المنهوبة تحقيقًا للعدالة، خاصةً أنها خرجت من مصر بطريق غير مشروع، وأكد سيادته أهمية عقد ورش عمل ومؤتمرات مع السلطات الفرنسية بمشاركة وكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال العدالة الجنائية (EURO JUST) لوضع خطة مستقبلية لاسترداد الآثار المصرية المهربة إلى الخارج، كما أكد استعداد النيابة العامة المصرية لتحقيق التعاون الفعال بين الجانبين في كل الملفات ذات الطبيعة القضائية.
وأشار النائب العام إلى أن جرائم سرقة الآثار والممتلكات الثقافية ترتكبها مجموعات إجرامية منظمة عبر الحدود الوطنية بين الدول مشددًا على أهمية التعاون الدولي لحفظ ممتلكات بلادنا، موضحًا ما بذله الجانب المصري من مجهودات لإثبات خروج تلك الآثار من مصر عن طريق التنقيب والنهب بطرق غير مشروعة.
ومن جانبه أكد وزير العدل الفرنسي سعادته باستعادة القطع المنهوبة المملوكة للدولة المصرية، والتي تعد كنزًا من كنوزها، وتشكل جزءًا من تراثها وتاريخها العريق، وشدد على تصميمه على التصدي لتلك الظاهرة وإعادة كل ما تم نهبه من الآثار المصرية، خاصةً في الملفات المفتوحة في التعاون القضائي بين الدولتين.
واقترح وزير العدل الفرنسي أن يكون استرداد القطع الأثرية موضوع ندوة تنظم بين الجانبين من بين جملة مواضيع أخرى ليستفيد منها الأعضاء في الجهتين، خاصةً أن الجانب المصري يمتلك خبرةً واسعةً في ملف استرداد القطع الأثرية المنهوبة، والذي يعد حديث العهد في القضاء الفرنسي، مشيرًا إلى ضرورة عقد دورات تدريبية لأعضاء النيابة من الطرفين بالمدرسة الوطنية الفرنسية لتدريب القضاة مع نظيره المصري، إما بشكل منتظم، أو بشأن الموضوعات المهمة التي تهم الطرفين.
وخلال لقاء النائب العام اليوم الثلاثاء الموافق الثالث عشر من شهر يونيو الجاري بالنائب العام لدى محكمة استئناف باريس بقصر العدالة أكد سيادته ما بين الجانبين من علاقة ممتدة لوجود تراث كبير من القضاء الفرنسي لدى القضاة المصريين، وأعرب سيادته عن سعادته بالتعاون مع النيابة العامة الفرنسية والسلطات القضائية، والذي يسبقه تاريخ عريق بين البلدين، في إشارة إلى ما أثمر عنه التعاون القضائي الفعال مع الجانب الفرنسي من استلام القطعتين الهامتين من الآثار المنهوبة أمس.
وخلال اللقاء أكد النائب العام لدى محكمة استئناف باريس أهمية التعاون القضائي بين الجانبين مشيرًا إلى علاقات الثقة المتبادلة، وضرورة مواصلة الجهود لتحقيق تعاون قضائي فعال بين البلدين، خاصةً في الملفات المشتركة التي تهم الطرفين كجرائم الإرهاب والتطرف الفكري.
وفي ذات السياق أشار النائب العام المستشار/ حماده الصاوي إلى خبرة النيابة العامة المصرية في تحقيق قضايا الإرهاب والتطرف الفكري والجرائم المستحدثة التي يعاني منها المجتمع الدولي في الفترة الأخيرة، واستعداد سيادته لتبادل هذه الخبرات مع النيابة الفرنسية، موضحًا أهمية ذلك في رفع كفاءة أعضاء النيابة العامة في البلدين في مواجهة الجرائم الإرهابية والمستحدثة، كالاتجار في البشر، وتهريب المهاجرين، وغسل الأموال، واستخدام العملات الافتراضية في تمويل الإرهاب، وكذلك الجرائم المعلوماتية، وآليات تحصيل الدليل الرقمي، وقد أكد النائب العام لدى محكمة استئناف باريس استعداده للتعاون مع الجانب المصري ورغبته في إحراز تقدم كبير في كل الملفات المشتركة بين الجانبين.
وخلال لقاء النائب العام بالسيدة/ لور بيكيو المدعي العام لباريس اليوم وجه الشكر لها لحضورها حفل تسليم القطعتين المنهوبتين واستقبالها الوفد المصري خلاله، وهو ما يؤكد عمق العلاقة بين النيابتين، ومن جانبها تحدثت المدعي العام لباريس حول أهمية الحفل، ورد ما تم نهبه من الآثار المصرية، الأمر الذي يعكس التعاون المطلق بين الجهتين، وأشار الجانب الفرنسي إلى خطورة هذه الجرائم التي تديرها عصابات منظمة لتجارة الآثار، مؤكدًا أنه لن يدخر جهدًا لرد كل القطع المنهوبة من الآثار المصرية في كافة ملفات التعاون بينهما، وذلك بالتعاون مع البلدان الأوروبية ووكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال العدالة الجنائية (EURO JUST) .
هذا، وقد أشار النائب العام إلى ضرورة الاستفادة بالحكم الصادر من المحكمة الفرنسية لاسترداد الآثار المصرية، وأن التعاون القضائي الدولي هو السبيل لمواجهة هذه الجريمة وكافة الجرائم عبر الوطنية، وأوضح سيادته أن تحقيقات جرائم تهريب الآثار لا تنتهي عند ضبط المتهمين، وإنما تمتد حتى إعادة الآثار إلى بلادها صاحبة الحق المشروع فيها، وأن النيابة العامة المصرية تحرص على مباشرة تحقيقات مالية موازية في القضايا المختلفة، خاصةً قضايا الاتجار في المخدرات؛ لمنع المتهمين من الاستفادة بعائدات جرائمهم، أو استخدامها في تمويل جرائم أخرى كالإرهاب، مشددًا على ضرورة تبادل الخبرات للوصول إلى أفضل أسلوب لمجابهة الجماعات الإجرامية المنظمة، وتحقيق الردع.
وقد أكد الجانب الفرنسي أهمية التحقيقات المالية الموازية لتجفيف منابع تمويل الجرائم، وتفكيك شبكات أعضائها، والتحفظ على متحصلات تلك الجريمة، ومنع المجرمين من الاستفادة من جرائمهم.
وقد اتفق الطرفان في هذه اللقاءات على تطوير التدريب بين الجانبين، وتحديد الجرائم المستحدثة الواجب تفعيل التعاون في التدريب بشأنها للتقارب بين الجهتين، كجرائم الاتجار بالبشر، وغسل الأموال، والجرائم المعلوماتية، وجرائم استخدام العملات الافتراضية، والتي أصبحت تستخدم في تمويل الإرهاب، وتذليل العقبات؛ لتوحيد الجهود أمام وحدة أهداف الجهتين لمجابهة هذه الجرائم.