الذكاء الاصطناعي بالفعل أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ولديه القدرة على جمع ومعالجة كميات ضخمة من البيانات حولنا، مما يمنحه فهمًا واسعًا لنمط حياتنا واهتماماتنا وعاداتنا. ولكن مع هذه المعرفة المتزايدة، يثار سؤال حيوي: هل يمكن أن يعرفنا الذكاء الاصطناعي أكثر مما نعرف أنفسنا؟ وما هي المخاطر التي قد تترتب على هذه المعرفة؟
كيف يتعلم الذكاء الاصطناعي عنا؟
يتعلم الذكاء الاصطناعي من خلال تحليل البيانات التي نتركها أثناء استخدام الإنترنت، مثل:
بيانات التصفح: المواقع التي نزورها، والمنتجات التي نبحث عنها، والفيديوهات التي نشاهدها.
بيانات المواقع الجغرافية: الأماكن التي نزورها والمسارات التي نسلكها.
بيانات التواصل الاجتماعي: الرسائل والتفاعلات مع الأصدقاء، الآراء السياسية والمعتقدات.
بيانات الشراء: المنتجات والخدمات التي نستهلكها.
بدمج هذه المعلومات، يمكن للذكاء الاصطناعي بناء “صورة رقمية” شاملة عن كل فرد، تشمل اهتماماته، هواياته، وحتى حالته النفسية.
ما الذي يعرفه الذكاء الاصطناعي عنا؟
عند تحليل هذه البيانات، قد يتمكن الذكاء الاصطناعي من فهمنا بطرق تفوق إدراكنا الذاتي، مثل:
اهتماماتنا وهواياتنا: سواء كانت الأفلام التي نحبها أو الرياضات التي نمارسها.
عاداتنا اليومية: كمواعيد الاستيقاظ والأنشطة اليومية وأوقات الفراغ.
العلاقات الاجتماعية: دائرة الأصدقاء وأسلوب التواصل معهم.
الحالة الصحية والمزاجية: أي الأمراض أو الحالات النفسية التي نعاني منها.
مخاطر معرفة الذكاء الاصطناعي بنا
هذا الكم الهائل من المعرفة يترتب عليه عدة مخاطر، منها:
انتهاك الخصوصية: يمكن أن تُستخدم البيانات الشخصية لأغراض غير مشروعة مثل التجسس أو الابتزاز.
التلاعب بالسلوك واتخاذ القرارات: قد تُستخدم هذه البيانات لتوجيه سلوكنا وقراراتنا وفقًا لأهداف محددة، مثل التأثير على القرارات الشرائية أو حتى الآراء السياسية.
التحيز: قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي التحيزات الموجودة في البيانات التي تدرَّبت عليها، مما يؤدي إلى تمييز غير عادل ضد فئات معينة.
الاعتماد الزائد: قد يؤدي الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي إلى تقليل قدرتنا على التفكير النقدي واتخاذ القرارات بأنفسنا.
كيف يمكننا مواجهة هذه المخاطر؟
لتجنب الآثار السلبية لهذه المعرفة العميقة التي يمتلكها الذكاء الاصطناعي، يمكننا اتخاذ بعض الإجراءات، مثل:
التوعية العامة: نشر الوعي بين الأفراد حول مخاطر الذكاء الاصطناعي وأهمية حماية الخصوصية.
وضع التشريعات: سن قوانين صارمة لحماية البيانات الشخصية ومنع إساءة استخدامها.
التحكم في البيانات: تمكين الأفراد من التحكم في البيانات التي يشاركونها ومعرفة كيفية استخدامها.
الخلاصة
الذكاء الاصطناعي أداة قوية يمكنها تقديم الكثير من الفوائد، لكنها في نفس الوقت تحمل مخاطر متعددة إذا لم تتم إدارتها بشكل جيد. علينا كأفراد ومجتمعات أن نكون واعين لما يملكه الذكاء الاصطناعي من معرفة عنا، وأن نتخذ التدابير الضرورية لضمان استخدام هذه المعرفة بطريقة تحترم الخصوصية وتحمي الحقوق.