ان العلاقات الانسانيه واحدة من أهم العوامل التي تشكل جودة حياتنا فبقدر ما يمكن للعلاقة أن تكون مصدر للراحة والسند قد تتحول أخرى إلى عبء نفسي مرهق يستنزفنا دون أن نشعر، انها العلاقات السامة التي تتسلل بهدوء الى تفاصيل يومنا وتضعفنا من الداخل، حتى نخسر أنفسنا ونحن نحاول الحفاظ على من لا يستحق
العلاقة السامة
هي العلاقة التي تجعلك تشعر بالإرهاق العاطفي و تهدد استقرارك النفسي على المدى الطويل في مثل هذه العلاقات تختل موازين العطاء والأخذ ويغيب فيها الاحترام والتقدير لتحل محلها السيطرة، النقد المستمر ،إثارة الشعور بالذنب. لا تقتصر هذه العلاقات على الأزواج أو الشركاء العاطفيين فقد تمتد الى الاصدقاء، الزملاء او حتى افراد الاسرة
يشير متخصصون في علم النفس إلى أن استمرار الفرد في علاقة مؤذية قد يؤدي الى انخفاض تقدير لذاته وزياده مستوى التوتر والقلق واضطرابات النوم وقد تصل الى احتمالية الدخول في حالات اكتئاب مزمن ،والاخطر ان التعايش الطويل مع علاقة سامة يفقد الإنسان وعيه وحدوده النفسية ويجعله يقبل الاهانه او التلاعب العاطفي كأمر واقع
قد يظن البعض أن الوقوع في علاقة سامة هو مجرد حظ سيء أو سوء تقدير لكن الواقع أعمق من ذلك تشير دراسات علم النفس أن قابلية بعض الأفراد للبقاء في علاقات مؤذية ترتبط أحيانا بنماذج الارتباط العاطفي التي تشكلت في مراحل الطفولة فالطفل الذي نشأ في بيئة يفتقر فيها الى الأمان العاطفي او تعرض فيها للاهمال او التلاعب قد اعتاد على ربط الحب بالالم او مايعرف بالارتباط القلق، وعند النضج قد يجد نفسه ينجذب دون وعي الى انماط مشابهه من العلاقات حتى وان كانت مؤذية
من هنا يصبح فهم جذور التعلق العاطفي أحد مفاتيح التحرر من أنماط العلاقات السامة والتعافي منها بشكل أعمق، فالعلاج لا يكون فقط بالانسحاب من العلاقة بل بإعادة بناء العلاقة مع الذات وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الحب والارتباط والاستحقاق
متى يجب ان نقول كفى
عندما تصبح العلاقة مصدر دائم للألم النفسي لا الراحة عندما تشعر انك تتغير للأسوء وتفقد ثقتك بنفسك بسبب تفاعلك مع هذا الشخص فعندما تتحول المحادثات الى معارك وتغيب لغه الاحترام حينها لابد من الوقوف بصدق أمام النفس وطرح السؤال الاهم
هل تستحق هذه العلاقة الاستمرار على حساب سلامي لنفسي؟
خطوات نحو التعافي
الاعتراف بالمشكلة: تجاهل الألم لا يلغيه، الوعي هو اول الخطوه للتغيير .
تحديد الحدود: لا تسمح لأي شخص تجاوز حدودك النفسيه والعاطفيه .
طلب الدعم: التحدث إلى مختص أو شخص تثق به قد يساعدك على اتخاذ القرار الصائب .
قرار الانسحاب: في بعض الأحيان يكون الابتعاد ضرورة وليس خيارا .
الاهتمام بالذات: مارس أنشطة تعيد إليك طاقتك واقضي وقتا مع من يمنحونك الحب الحقيقي .
في النهاية نحن لا نملك دائما خيار من يدخل حياتنا لكننا نملك القرار في من نبقية ومن نغلق الباب دونه، صحتك النفسية ليست رفاهية بل حق أصيل لا يجب التفريط بها تحت أي مسمى ،تعلم ان تقول كفى في الوقت المناسب وامنح نفسك فرصة لتعيش في محيط يليق بك يفهمك ويقدرك لا يؤذيك ولا يستهلكك ففي نهاية الأمر راحة بالك هي أثمن ما تملك
الكاتبه فنانه تشكيليه