داخل كل منا توجد مشاعر لم نستطيع البوح بها او جروح لم تندمل وصرخات مكتومة، نضحك ونتحدث ونذهب الى العمل ونبدو بخير امام الناس انما داخلنا يعاني في صمت ،ولكن إلى أي مدى يمكن أن تحتمل روحنا الصمت، الصمت لا يعني قوة دائما ،بل هو في كثير من الاحيان يكون علامة على الخوف ، الضعف ، او من ان يساء فهمنا او ينظر الينا كعبء ولهذا نخفي مشاعر الحزن والخوف والغضب واحيانا الحب وتدفن في اعماقنا وبمرور الوقت تتحول هذه المشاعر الى جدران تفصلنا عن انفسنا وعن من نحب .
صمت المشاعر التي لم تقال هو صمت لا يشبه أي صمت آخر هو صمت يسكننا ويتسلل ببطء داخل روحنا حتى يصبح جزء من تكوينا هوصمت لمشاعر اختنقت داخلنا ولم تجد اذنا بالعبور الى الخارج،صمت المشاعر ليس دائما خيارا واعيا بل احيانا يكون اليه دفاعية نفسية تحتمي بها النفس من الخيبة ، الفقد أو انكشاف هشاشتها ،حيث نتعلم في طفولتنا أن نخفي بكائنا كي لا نظهر بمظهر الضعف وإن نكبت غضبنا حتى نكون مهذبين، وكذلك نخفي خوفنا كي لا نبدو جبناء كل هذا ترسخ فينا شيئا فشيء حتى أصبحنا سجانين لمشاعرنا نضعها في اقفاص ملائمه لمجتمعنا من العبارات العامة والابتسامات المصنعه والصمت احيانا، النفس ليست صندوق مغلق دفنا فيه مشاعرنا فكل المشاعر التي لا نعبر عنها تتحول الى طاقه كامنه تتراكم بداخلنا وتتحول فيما بعد الى قلق ، نوبات غضب غير مفهومه ،انسحاب عاطفي او حتى امراض جسديه لا تفسير لها ومع الوقت نصبح جزء من هوية مزيفة حيث نبدو متماسكين نضحك ونتكلم ولكننا نختنق من داخلنا لأن الإنسان لم يولد ليكون صندوق صامت بل كائن حي متدفق بالمشاعر.
احيانا نختار الصمت ونرفض البوح لاننا نخاف من الرفض ، التهوين ، الا يؤخذ ألمنا او مشاعرنا على محمل الجد نخاف ان نكون عبء على من نحب او ان نتهم بلمبالغة، كذلك نخاف من ان نفهم انفسنا ونضع ايدينا على جراح لم نعد نملك إمكانية معالجتها من وجهة نظرنا او ان نسمع اصوات داخليه تجاهلناها بالامس مثل القلق ،الخيبه أو صوت الحب المؤجل الذي لم نفصح عنه خوفا من ضياعه آنذاك.
الحقيقية ان البوح ليس دعوه للشفقة بل هو اعلان لوجودنا لمشاعرنا اعلان ضد تحولنا إلى آلات تنتج وتؤدي فقط دون حساب بما نشعر به هو وقفه مع انفسنا لتأكيد حقها في ان تحزن وتخاف وتحب دون ان تحاكم،علينا بتفكيك جدار الصمت و الترميم الداخلي لأنفسنا من خلال الاعتراف ومواجهه داخلية عميقة مع الذات والتحدث لانفسنا بدون خجل عن مايدور في اعماقنا ،هنا نشعر اننا كمن يزيل حجر أول من جدار كبير ليتسلل الضوء من خلال شرخ بسيط، عندما تخرج الكلمات من الظل إلى النور تفقد سيطرتها علينا ونعيش تجربتنا الحياتيه كامله.
اخيرا ابحث عن المساحة الآمنة سواء في صديق ،معالج او حتى في مفكرتك الخاصه التي تصغي لك دون ان تقاطعك ،ايضا لا تعيش مشاعرك بصمت لا تكن صندوق اسود لما تشعر به افتح نوافذك واجعل الهواء يدخل حتى لو احضر معه بعض الغبار
الصمت جدار والبوح نافذة لا تجعل جدار الصمت يعلو بينك وبين نفسك وبينك وبين من تحب افتح نافذتك ودع الضوء يمر…
الكاتبه : فنانة تشكيليه