في عصرنا الحديث، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. نحن نقضي ساعات طويلة في تصفح الصور والمنشورات، نتابع حياة الآخرين، ونشاهد إنجازاتهم ،وظائفهم المثالية ،علاقتهم المثالية وسفرهم المستمر من خلف هذه الشاشة، هناك تأثير نفسي عميق يحدث دون أن نشعر، وهو تعزيز المقارنة المستمرة بيننا وبين الآخرين ونبدا في التساؤل لماذا لا نكون مثلهم؟ ولا نعيش هذه الحياة المثالية ؟لكن الحقيقة أن المقارنة قد تكون اكبر عائق يمنعنا من رؤية قيمتنا الحقيقية والاستمتاع برحلتنا الخاصة و المقارنة ليست عادلة لأنها تضعنا في مواجهة قصص وظروف لم نعيشها فبدل من التركيز على الآخرين لماذا لا نوجه طاقاتنا نحو تطوير انفسنا ؟لماذا لا نبدأ في تقدير ما لدينا بالفعل ؟
فالمقارنة هي فخ نفسي خادع يسلب منا السلام الداخلي ويزرع فينا شكوك فكيف نتحرر منها؟ وكيف نبدأ في تقدير أنفسنا دون الحاجة لمعايير خارجية؟
كيف تعزز السوشيال ميديا المقارنة بين الأشخاص؟
عرض الحياة المثالية فقط*
غالبًا ما تُظهر وسائل التواصل الاجتماعي الجانب الإيجابي فقط من حياة الناس، بينما يتم إخفاء التحديات والصعوبات. نحن نرى صور السفر، النجاح، الحب، والسعادة، لكننا لا نرى القلق، الفشل، أو النضالات اليومية التي يمر بها الجميع. هذه الصورة غير الواقعية تجعلنا نشعر وكأننا الوحيدون الذين نواجه تحديات في حياتنا
المعايير غير الواقعية للجمال والنجاح*
مع انتشار الفلاتر والتعديلات الرقمية، أصبحت معايير الجمال غير واقعية بشكل متزايد. نرى وجوهًا مثالية، أجسادًا متناسقة، وأنماط حياة فاخرة، مما يجعلنا نشعر بأننا غير كافيين مقارنة بهذه الصور المعدلة. كذلك، يُعرض النجاح على أنه سهل وسريع، مما يخلق توقعات غير منطقية حول الإنجاز الشخصي
العدد كمعيار للقيمة*
عدد الإعجابات، والمتابعين، والمشاركات أصبح مقياسًا للقيمة في عالم السوشيال ميديا. هذا يعزز الشعور بأن من يملك جمهورًا أكبر هو أكثر أهمية أو نجاحًا، مما يدفع البعض إلى قياس قيمتهم الذاتية بناءً على هذه الأرقام، رغم أنها لا تعكس الحقيقة دائمًا
المقارنات المستمرة دون وعي*
بمجرد تصفح وسائل التواصل، نجد أنفسنا نقارن حياتنا بغيرنا تلقائيًا. نرى شخصًا اشترى سيارة جديدة، أو حصل على وظيفة مرموقة، أو يعيش قصة حب مثالية، فنشعر أننا لم نحقق ما يكفي، رغم أن كل شخص لديه ظروفه وتحدياته الخاصة
كيف يمكننا تقليل تأثير السوشيال ميديا على ثقتنا بأنفسنا؟
الوعي بأن ما نراه ليس الصورة الكاملة*
تذكر دائمًا أن ما يعرض على وسائل التواصل ليس الحقيقة الكاملة، بل نسخة محسنة ومنتقاة من الواقع. لا أحد يعيش حياة مثالية خالية من التحديات
ممارسة الامتنان والتركيز على إنجازاتك الشخصية*
بدلاً من التركيز على ما يمتلكه الآخرون، حاول أن تقدر ما لديك بالفعل. كل شخص يسير في رحلة مختلفة، وما تحققه الآن قد يكون حلمًا لشخص آخر
تنظيم استخدام السوشيال ميديا*
خذ فترات راحة من وسائل التواصل، وحدد أوقاتًا معينة لاستخدامها. الابتعاد عنها لفترة يساعدك على استعادة منظور أكثر واقعية للحياة
متابعة محتوى إيجابي وملهم*
بدلًا من متابعة حسابات تجعلك تشعر بالنقص، اختر متابعة محتوى يحفزك، يلهمك، ويساعدك على النمو دون أن يشعرك بالمقارنة السلبية
إن وسائل التواصل الاجتماعي ليست انعكاسًا حقيقيًا للحياة، بل مجرد مشهدٍ انتقائي يُعرض وفق زوايا محسوبة، حيث تختفي العيوب وتُبرز النجاحات، وكأن الوجود يُختزل في لحظاتٍ مثاليةٍ مصنوعة. لكن الحقيقة أبعد من ذلك، فالإنسان لا تُقاس قيمته بعدد الإعجابات أو المتابعين، ولا فيما يُصدّره للآخرين من صورٍ أو إنجازات، بل بمدى وعيه بذاته ،وبقوته، وضعفه، بتقبله لنواقصه ، وبقدرته على خوض رحلته الفريدة دون الحاجة إلى تصفيق الجمهور.
إن جوهر الإنسان لا يُختزل في شاشة، بل في أعماقه، في تجاربه التي لا يراها أحد، في لحظات نضجه وصراعاته وانتصاراته الصغيرة التي لا تُوثّق، لكنها تترك أثرها الحقيقي في روحه.
الكاتبه : فنانة تشكيليه